أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن السلطات المصرية رفضت مقترحين أمريكي وإسرائيلي بشأن محور فيلادلفيا في المنطقة الحدودية بين قطاع غزة والأراضي المصرية.

 
وبحسب الصحيفة، تتمثل القضية في طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السماح للقوات الإسرائيلية بالبقاء على طول الحدود الممتدة لمسافة قرابة 15 كيلومترا بين غزة ومصر، والمعروفة باسم محور فيلادلفيا، والتي تعتبره إسرائيل طريقا لتهريب السلاح إلى "حماس".
 
وقال مسؤولون مصريون إن القاهرة رفضت هذا الطلب، كونه يشكل انتهاكا لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. وأضافوا أن مصر لا تريد أن ينظر إليها على أنها متواطئة في احتلال إسرائيل لقطاع غزة.
 
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن هذا الطريق المسدود يهدد بقطيعة بين شريكين للولايات المتحدة ويعمق من تعقيدات اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان يكافح بالفعل من أجل اكتساب الزخم. وكانت مصر وسيطا بين إسرائيل و"حماس" لوقف القتال في غزة. والآن، لكي تنجح هذه المحادثات، يتعين على إسرائيل ومصر أن تحلا خلافاتهما أولا.
 
وتحاول الولايات المتحدة التوصل إلى حل وسط بشأن حجم القوة الإسرائيلية التي سيتم نشرها على طول الحدود. فيما أصرت القاهرة على رفض أي وجود إسرائيلي على الإطلاق.
 
والتقى منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك في القاهرة يوم الخميس مع رئيس جهاز المخابرات عباس كامل لمحاولة إيجاد طريق للمضي قدما في المحادثات. وقد ينضم مسؤولون إسرائيليون إلى ماكغورك ومدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز لإجراء مزيد من المحادثات مع كامل هذا الأسبوع.
 
ويأتي ذلك عقب لقاء بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة العلمين الجديدة يوم الثلاثاء. ويشكك المحللون في إمكانية التوصل إلى حل وسط بشأن وجود القوات الإسرائيلية على طول الحدود.
 
ويقول الجنرال الإسرائيلي المتقاعد الذي ترأس فرقة غزة يسرائيل زيف، والذي أطلعه مسؤولون حاليون على تفاصيل الحرب: "هناك أزمة انعدام ثقة بين إسرائيل ومصر. ولا أرى كيف يمكن للأمريكيين أن يحيطوا أنفسهم بالموقف: إما أن يكون هناك وجود إسرائيلي أو لا يكون هناك وجود على الإطلاق".
 
وتحاول الولايات المتحدة التوصل سريعا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ليس فقط لمعالجة الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة، بل وأيضا لتهدئة التوترات الإقليمية في الوقت الذي تستعد فيه إيران و"حزب الله" للرد على عمليتي اغتيال مرتبطتين بإسرائيل في طهران وبيروت الشهر الماضي.
 
وفي حين أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن الاتفاق قد يكون قريبا، قال مفاوضون إن الطرفين لا يزالان بعيدين عن بعضهما البعض بشأن قضايا مهمة وأن عقبات كبيرة لا تزال قائمة، بما في ذلك حول نشر القوات الإسرائيلية.
 
هذا وعززت الولايات المتحدة من وجودها العسكري في المنطقة. وأعلنت واشنطن مساء الأربعاء أن حاملة الطائرات أبراهام لينكولن وصلت إلى الشرق الأوسط، لتضع بذلك مجموعة حاملة طائرات ثانية في المنطقة.
 
وقال زيف إن المأزق الحالي بين مصر وإسرائيل هو نتيجة للتوتر المتزايد بين البلدين والذي بدأ بعد غزو إسرائيل لرفح، المدينة الواقعة على الحدود بين غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية.
 
وقال مسؤولون مصريون إن إسرائيل أبلغت القاهرة قبل ساعات فقط من العملية الوشيكة، واستولت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر. وأغلقت الحكومة المصرية الجانب المصري من المعبر احتجاجا على العملية، وهددت بخفض التمثيل الدبلوماسي لمصر في إسرائيل.
 
ويقول المسؤولون المصريون إن وجود القوات الإسرائيلية في المنطقة على طول الحدود ينتهك شروط معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979، والتي تحد من عدد القوات التي يمكن لأي من البلدين نشرها بالقرب من الحدود.
 
وتحظر المعاهدة على إسرائيل نشر الدبابات والمدفعية والأسلحة المضادة للطائرات في محور فيلادلفيا، فيما تنفي إسرائيل أي انتهاك للمعاهدة.
 
وتصر إسرائيل على وجودها في المحور، لأنها لا تعتقد أنها تستطيع الاعتماد على مصر في وقف تهريب الأسلحة إلى "حماس".
 
وقال الجيش الإسرائيلي إنه عثر على عدد من الأنفاق في رفح بالقرب من الحدود مع مصر، رغم أنه لم يذكر عدد الأنفاق العاملة على الجانب المصري من الحدود، ومن جانبها نفت مصر وجود مثل هذه الأنفاق.
 
وبينما يصر نتنياهو على ضرورة تواجد القوات الإسرائيلية على الأرض في المحور، أشار الجيش الإسرائيلي إلى اعتقاده بإمكانية تأمين منطقة الحدود من بعيد باستخدام أجهزة استشعار وحاجز تحت الأرض. ومع ذلك، يريد الجيش الإسرائيلي أن يكون قادرا على العمل على طول المحور من خلال الغارات التكتيكية كلما رأى ذلك ضروريا.
 
وقال المسؤولون المصريون إن مفاوضي وقف إطلاق النار الإسرائيليين اقترحوا مؤخرا إنشاء ثمانية أبراج مراقبة على طول محور فيلادلفيا، في حين حاولت الولايات المتحدة تقديم تنازلات من خلال اقتراح برجين. ورفضت مصر الاقتراحين، بحجة أن أي عدد من الأبراج يمنح الجيش الإسرائيلي وجودا وإمكانية وصول دائمة، على حد قولهم.
 
وتسعى مصر أيضا إلى الحصول على ضمانات أمريكية بأنه حتى لو غادرت إسرائيل الممر في المرحلة الأولى من المراحل الثلاث المفترضة لاتفاق وقف إطلاق النار، فإن إسرائيل لن تعود في المراحل اللاحقة إذا تعثرت العملية.  
 
وتعهد نتنياهو علنا بزيادة الوجود الإسرائيلي في المنطقة إذا اعتقد أن هناك خطرا على أهداف الحرب الإسرائيلية في "تدمير حماس" والتأكد من أن المسلحين في غزة لن يهددوا أمن إسرائيل في المستقبل.
 
وقال مكتب نتنياهو يوم الأربعاء: "ستصر إسرائيل على تحقيق جميع أهداف الحرب، كما حددها مجلس الوزراء، بما في ذلك الهدف المتمثل في أن غزة لن تشكل تهديدا أمنيا لإسرائيل. وهذا يتطلب تأمين الحدود الجنوبية".
 
وقال السفير الأمريكي السابق لدى مصر وإسرائيل دانييل كيرتزر، إن إسرائيل ومصر لديهما مصالح أمنية مشتركة وتاريخ طويل في حل الخلافات خلف الكواليس، مما يجعل من المرجح أن يعمل الجانبان على حل النزاع الحالي.
 
وأضاف كيرتزر: "ربما يكون هناك حل متاح للمشكلة بين إسرائيل ومصر، ولكنني لست متأكدا من وجود حل لمتطلبات حماس".
 
وقال السفير الإسرائيلي السابق في مصر حاييم كورين، إنه من الصحيح أن إسرائيل ومصر تمكنتا منذ فترة طويلة من حل الخلافات، فإن سيطرة نتنياهو المحكمة على ما يمكن أن تقوله وتقدمه فرق التفاوض الإسرائيلية في القاهرة أضرت بالعملية المعتادة لحل النزاعات.
 
وأضاف: "حتى في الأوقات الصعبة، كانت هناك دائما آلية يمكننا من خلالها التحدث خلف الكواليس وحل جميع المشكلات.. لم يعد الأمر كما كان من قبل".