خالد منتصر
وصلتنى تلك الرسالة المهمة من د. صلاح سند، أستاذ أمراض النساء بطب القاهرة، حول معايير الجودة فى المستشفيات والمعامل، يقول د. صلاح:
منذ فترة ليست بالقصيرة، سمعنا عن الجودة فى مجال الرعاية الصحية بهدف تقديم خدمة طبية متميزة، ومنذ ذلك الوقت أخذت المنشآت الطبية تتسابق فى الحصول على شهادات باتباعها المعايير التى تضعها الجهات المعنية بتطوير الخدمة الصحية، لغرض إثبات تميزها، ولى تعليقان بخصوص هذه المعايير:
التعليق الأول يختص بمعامل التحاليل الطبية
وبالطبع فإن دقة نتائج التحاليل ضرورية للحصول على شهادات الجودة، ولكنى أطرح سؤالاً متعلقاً بهذه النتائج هو: «هل كتابة تقييم لنتائج التحاليل فى التقرير ببيان أنها طبيعية أو مرضية (normal or abnormal) مطلوب لاستيفاء معايير الجودة؟»، وإذا كان لى أن أجيب عن السؤال، فالإجابة هى «لا»، لأن غالبية المعامل الراقية الحاصلة على شهادات الجودة بها أخطاء أراها يومياً فى تقييم النتائج أثناء الحمل، وبالتالى يترتب على هذا التقييم الخاطئ كتابة توصيات طبية غير سليمة فى التقرير، ما يسبب القلق لدى المريضات، حتى حضورهن للعيادة وتصحيح هذه الأخطاء. وسبب هذه الأخطاء بسيط جداً، وهو أن المستويات القياسية reference values التى يستند إليها التقييم فى كثير من التحاليل تختلف أثناء الحمل عنها فى غير الحامل، مثل مستويات صورة الدم وبعض وظائف الكلى والكبد وغيرها، ولا أستطيع أن أستوعب وقوع المعامل فى هذا الخطأ الذى شكوت منه مراراً وتكراراً للأطباء وممثلى المعامل الذين يزورون العيادات للترويج لمعاملهم، بينما يمكن تجنبه ببساطة بالاستناد للمعدلات القياسية للحوامل، وإذا كانت توجد صعوبات تقنية فى ذلك، فالأصوب هو عدم كتابة تقييم للنتائج بدلاً من الوقوع فى الخطأ.
التعليق الثانى يختص بالمستشفيات:
بما أن المريض هو الهدف الأول لمعايير الجودة، فما آليات تقييم رضا هذا المريض الذى تم حجزه فى المستشفى عن الخدمة المقدمة له؟
وعن تجربة شخصية لأقارب من المرضى فى مستشفيات خاصة تصنَّف بالفاخرة وحاصلة على شهادات الجودة، أحسست بأن الاهتمام الرئيسى للمسئولين فيها هو الشكل العام باستيفاء الأوراق، بينما قد يوجد قصور فى بعض أوجه الخدمة الطبية، وما أقصده هو عدم كفاءة التواصل بين أفراد الفريق الطبى كالاستشاريين والطبيب المقيم بخصوص أبعاد الحالة المرضية وخطة العلاج وتوصيل التعليمات العلاجية للمريض بالمستشفى وبعد مغادرتها، كما ينعكس هذا فى بعض الحالات على عدم المعرفة الكافية لأعضاء هيئة التمريض بالإجراءات الطبية وبالتالى يتصرفون فى بعض الحالات مثل: «شاهد ماشافش حاجة».
وهنا جال فى ذهنى الشجار الذى كان يحدث بين الأطباء والممرضات فى فترة عملى كطبيب مقيم منذ أكثر من ٤٠ عاماً فى قسم الولادة بقصر العينى عند ولادة طفل يحتاج للإنعاش بخصوص أولوية الإنعاش أم طبع ختم لقدم المولود على أوراق المستشفى لعدم اختلاط الأطفال.
ولا أعرف هل وجود آلية لمعرفة تقييم المريض أو مرافقه للخدمة المقدمة هو جزء من معايير الجودة أم لا، كما تفعل هيئات اقتصادية كثيرة بعد تقديم الخدمة، ولكن الواقع هو غياب تلك الآلية، فلم أحصل على رد بذلك من المسئولين بالمستشفى حتى بعد شكواى بوجود بعض القصور وطلبى كتابة تعليق أو رد فعل على الخدمة المقدمة. وببساطة يمكن أن تشمل إجراءات الخروج من المستشفى إجابة المريض أو مرافقه عن أسئلة معينة، أو مجرد وجود صندوق للشكاوى.
نقلا عن الوطن