كتبها Oliver
- فى قرية نايين أسكن .بيتي المتهالك على شريط الناصرة.أقرب قرى كفرناحوم إلى مسارح المدينة والمسارح هي الشريط الدائري حول أرض كل سبط.منحها يشوع البار للاويين لكي تكون لزراعتهم و بهائمهم و الأهم لكي ينقل هؤلاء اللاويون للأسباط القريبين منهم عشرة الله و عمله معهم فى الخدمة فيدعمون إيماننا و نستنير بهم.عد35: 2.مجمع كفرناحوم قدامنا و بيت مدراش (المدرسة الدينية) بجوار بيتنا.كنت أستقي من ماءه مقابل تنظيفه بين الحين و الحين.
- أنا أرملة من الجليل .زوجى من سبيط بنيامين .مات سريعا بعدما ترك فى أحشائى طفله الذى ولد يتيماً,.كنت أخرج كل صباح أعمل فى حقل اللاوى القريب من قريتنا.و بعد الظهر آخذ أبني و أذهب للدرس فى المجمع الذى بناه لنا القائد الروماني.توزعت دنياي بين عملى و ابنى .الشقاء بالنهار و جرعات الآلام بالليل.
- كثيرا ما كنت أسأل اللاوى لماذا يفعل الله بي هكذا؟ لماذا أنا التى تفقد زوجها سريعا و ما ذنب طفلي حتي يعيش بلا أب.لماذا لم يتزوجني أحد بعد و لماذا أشقي هكذا لكي أعيش على الكفاف؟ كل سؤال صرخة تشق صدرى و اللاوى يكلمنى عن الناموس و فى ثنايا عباراته ينطلق متحدثاً عن شخص تنعقد عليه الآمال لإحياء مجد إسرائيل ثم يتوقف فجأة و لا يشرح أية تفاصيل .أعود البيت مرتبكة فلا اللاوى أراحنى و لا الله أجاب أسئلتي التي ظلت النهار و الليل تطحنني حتى أنام وأنا أتشبث بإبنى فى حضنى أخشى أن يختطفه الموت كما اختطف زوجى..
- كم من الفرص الذهبية ضاعت مني.منذ شهور سمعت أن معلماً جديداً صار يعظ في مجمعنا بإنتظام غير أنى خسرت كل فرصة لسماعه .عرفت من أنسبائى أنه أخرج روحاً نجساً من أحد أقارب زوجى كان محظوظاً إذ كان حاضراً معه فى المجمع؟ أما أنا فمن أجل عملي لم أستطع أن أرى هذا الرجل الذهبى الذى ينادونه يسوع.مر1: 21-28.لو4: 31,
- أخبرنى اللاوى أن المسيح سيكون فى مجمعنا فى كفرناحوم. عدت مبكرة لأول مرة.لم أقصد العودة مبكراً من نفسي لكنى عدت من عند اللاوى متألمة.لأن أحد الأبقار نطحتنى منذ ذلك الوقت أترنح كالسكرانة.رأسى تجرحت من الجيشطرنى الوجع نصفين.كنت أنود لو أن إبني قد طهى لنا طعاماً لأنى عاجزة عن الوقوف .دخلت البيت لكن لا نار و لا رائحة دخان فى بيتنا.
كنت متلهفة كى أحتضن إبنى.هو لى حياتى و الدنيا بأسرها.وجدته نائماً على غير عادته.ناديته ليشعل النار و نخبز خبزاً ونتعشي.إبنى لم يرد.خشيت أن يكون مريضاً أو محموماً فأتحسر عليه.وضعت يدى على جبهته فوجدته بارداً كالثلج.صحت فيه فلم يستجب.قلبته فكان كخرقة بالية فى يدى.صرخت فيه ألا يموت.صرخت ثانية و ثالثة و رابعة حتى بُح صوتى.صحت فى كل إتجاه أسأل من جديد.لماذا؟لماذا؟ من يستطع أن يجيب أرملة فقدت وحيدها؟
- تجمع الناس و أنا مشتتة العقل.مات زوجى و الآن مات ولدى.ما جدوى حياتى.ليت البقرة التى نطحتنى كانت قد قتلتنى قبل أن أن أرى ولدى ميتا على أذرعى .كنت بين الحين و الحين أقفز نحو الملفوف فى نعشه لعلى أخطأت و كفنته حياً.كنت أصيح فيه كي يقوم فأنا أحتاجه بشدة.لم يسمعنى و لا أنا صرت أسمع نفسي بل وجدتنى وراء النعش سائرة.
- جنازتنا دموع صامتة.هل يبكون ولدى أم يبكون حالى.كان جمع كثير خلف النعش لا أعرفهم و لم أراهم.عيني محتبسة فى نعش إبنى.تعرج الطريق على أطراف البلدة. بعد بوابة نسميها قوس داود تبدو المقابر بكآبتها. الموكب الحزين يقترب من النهاية.خطوات قليلة و يغيب إبنى عن عيني إلى الأبد.صرت أتباطئ لأطيل الزمن الذى أرى إبني فيه و لو في الكفن..إبنى لم يرحمنى و مات.
- فجأة من الشرق طلع.صاح الذين خلف النعش هو يسوع. لم اره من قبل.إعترض النعش.كأنه يفعل كما أفعل.يعطل غياب إبنى للحظات.وقف مقابل النعش و أصوات من خلف تناديه يسوع يسوع و أنا لم أكن أعرفه.كان إبنى ميتاً فى نعشه و أنا ميتة خارج النعش. إبني يموت في أكفانه و أنا أموت فى دموعى.رفع يسوع يده فتوقف الجميع.
- نظر إلى و تحنن.كنت أفتقد الحنان كأنى لم أتذوقه أبداً.لما رآني أموت في عيني قال لى لا تبكي.فتوقف نزيف الدموع للتو.إنتهر المسيح دموع الموت.أنزلوا النعش لأنه أوقفنا.نظر إلى و صاح فى إبني (أيها الشاب لك أقول قم) أخذتني قشعريرة حين صاح.و أخذت الأكفان قشعريرة و رأيت أعجب و أعظم ما رأيت.إلى الأن أكاد لا أصدق عينى.ليس فقط وقف قدام النعش بل وقف قدام الموت نفسه.
رأيت إبني يقوم.أخذت أنتفض و أنا أنزع أكفانه .خشيت أنى أكون قد جننت و تهيأ لي أن إبني يقوم.تصايح الناس خلفي يسوع يسوع قد أقام الولد. صار كل واحد يصرخ بمطلبه.كنت أتحسس وجه إبني لأراه هل هو نفسه.كنت أكلمه و أصيح و أتهلل و أقفز و أحمل إبني و هو يحملني .كأنه عُرس كأنه زفاف.كأنها السماء جاءت.من أنت يا يسوع.قال اللاوى عنك كثيرا لكنني رأيت اليوم أكثر.أنت لست مثل الناس يا يسوع.أنت وحدك تقيم الموتى.كنت أريد أن ينفض كل الناس لأجلس مع يسوع. كانت عندي أسئلة كثيرة فزادت.عندى جراحات و أوجاع.الآن عندى أيضاً أفراح بلا عدد و عندى عجب العجاب قدامي.المعلم الأوحد الذى أقام حبيبى..نظرت ليسوع أريد أن أعرف مصدر ذلك الحنان كله و قوة قيامته.
الجموع تركتنا و ذهبت وراءه تهتف قد افتقدنا الله بنبي عظيم.تنبهت أنه مضى .لكنه سكن عيناى .كنت منغمسة فى فرحتى بقيامة إبني.عزمت أن أذهب وراءه بلا توقف. كنا فى خوف و رعدة مع مزيج من الفرح و الدهشة اسير و أنا فى حضن ولدي عائدة.تركنا النعش فى منتصف الطريق.وأنا و الناس سكارى من الأعجوبة.
رأيت اللاوى حاملاً لفائف كفن إبنى الحى.يستدير بها ذاهباً نحو اليهودية. يشير لى بشيء لم أتبينه. كل يوم آخذ إبني و نطوف كفرناحوم .أحكي لهم أنه أقامني و أقام إبنى.الناس تسأل كيف أقام ولدي و أنا لا أجيب سوي بالدموع..أخذت إبني و تبعت يسوع.جلست معه فى أبواب المجمع لأشكره.إلى اليوم أشكره وسأظل أشكره و لن أكون ناقمة أبداً.
بقيت أنا و إبني ندور فى الشوارع و البيوت نشهد للمسيح الذى أقامنا.حتى اشتهى البعض أن يموت ليقوم مثلنا.