بقلم : أشرف ونيس
✍️ هناك فرق يجب أن نأخذه فى الاعتبار عند الحديث و التحدث عن طبيعتنا كبشر و بين ما نملكه من مواهب و إن كانت نتاج نفس الكيان و نفس الجوهر ، نعم ؛ فان كانت طبيعيتنا و ما نملكه من هبات  هما وجهين لعملة واحدة و هى كياننا البشري ، الا إنهما وجهان و ليسا وجها واحدا ، شيئان يختلف كلٌ عن الاخر و ليس شيئا واحدا .
 
فبينما تظهر مواهبنا وهى هبة من الله بين عقلنا الواعي حيث يبرز العقل اتحادا مع الزمن للاختيار و الفرز متى الظهور و متى الصمت ، نجد أن طبيعتنا منزهة عن الاختيار و الانتخاب ، بل انها خاضعة للتلقائية و عدم القصد . فنحن لا نختار وقتا لاظهار بشاشتنا لكننا نبحث عن المناسب من الوقت لاعراب و افشاء جميل صوتنا و كم نحن بارعون فى الكتابة و تجسيم الافكار و ...... ، و هكذا يبرز الحد الفاصل بين ما نملكه من ملكات و هبات و بين طبيعتنا التى جبلنا عليها و جبلت هى بنا .
 
كما أن للقدر دوره حين الاكتشاف اندهاشا و حين الانبهار اكتشافا لما يكمن بين أعماقنا و يقبع بين ثنايا ارواحنا من مواهب و هبات ، لكن ليس للاندهاش و لا حتى للانبهار نصيب فيما نمارسه طبيعة بيننا و بين الأخرين أو حتى بيننا و بين أنفسنا ، فكم من عظيم الامور لم نعرف كونها بداخلنا الا بعد العديد من الأيام و ربما السنوات ، لكننا لا نعتد بالوقت أو نحتاجه عندما نسير وفقا لسجيتنا حين الكلام مثالا أو حين التفكير تفكرا و ذكاء
 
هذا إلى جانب عامل المنفعة الذي يدور فى فلك اهتمام الأشخاص حين التعامل مع المواهب التى يمتلكونها ، فالاستغلال لما يأسرونه من ملكات و هبات و مواهب هو التعامل الأمثل مع استثنائيتهم و ما يجعلهم مختلفين عن غيرهم ، أما طبيعتنا و ما نحن عليه فهو دائم الدوران فى فلك الحرية دون استغلال أو النظر الى جدوى و عائد منها لأحد .
 
كما لا يفوتنا كون المواهب وما حباه الله للبعض أنها محط أنظار الجميع إعجابا و ربما نقمة و حسدا و خصاما ، ما يبدو لصاحب الموهبة تفوقه على طبيعته لما تحتويه طبيعته شيئًا غير طبيعي أو قل فوق طبيعي ، أما اعتياد طبيعتنا لما نحن معتادون عليه فهو المتماشي بين أذهاننا و أذهان الجميع فضلا عن الأعراف التى يشترك فيها الجميع كعامل مشترك بينهم بأنها المألوف و الاعتيادي و إن تباينت من شخص لآخر كلٌ على حسب طبيعته .
 
ناهيك عن ما يكلف صاحب الموهبة من جهد و سعي و معاناة للقيام بما وهبه الله على الوجه الأكمل و الشكل الأمثل حتى يحظى برضا نفسه على نفسه كما رضى غيره عليه ، أما التصرف سلوكا و السلوك تصرفا لما جبلنا عليه طبيعةً و نشأنا عليه خلقةً لا يكلفنا من الأمر شيئا كما لا يجهدنا فيه أمرًا .
 
و أخيراً و ليس آخرًا ؛ عامل النمو و النماء كما التطور و الازدهار ، فما يميز الموهبة الحقة هو خصوبة أرضها لما فيه من الرقي و الانتعاش و تقدمها على نفس النمط و المنوال ، أما طبيعة سجيتنا و سجية طبيعتنا فهى جامدة كأعضائنا لا يعتربها تقدم ولا يقابلها أى تطور .
 
ليتنا نتسلح بمعرفة الاختلاف و نتدثر باختلاف المعرفة حتى نكون بمنأى عن أى قولبة فكرية و صندقة تفكيرية ، فنضحى عارفين عالمين بما يجب العلم و المعرفة به ، فنغدو بغير جهل قائمين .