محرر الأقباط متحدون
استقبل البابا فرنسيس صباح الاثنين في الفاتيكان المشاركين في أعمال المجمع العام الثامن عشر لرهبنة القديس جوزيبيه ماريلو، المعروفين باسم Giuseppini di Asti ووجه لهم كلمة تمحورت حول صفات ثلاث ميزت حياة القديس يوسف ألا وهي الابتعاد عن حب الظهور، الأبوة والتنبه لاحتياجات الآخرين.
استهل الحبر الأعظم خطابه مرحبا بضيوفه ومعربا عن سروره للقائهم في الفاتيكان لمناسبة انعقاد مجمعهم العام وخص بالذكر الرئيس العام الأب بلكارسكي الذي أُعيد انتخابه لولاية ثانية. ولفت البابا بعدها إلى أن هذه الجمعية الرهبانية أبصرت النور في أستي مشيرا إلى القاسم المشترك الذي يجمعه بها لكون المدينة مسقط رأس أهله. وذكّر بأن أعضاء الجمعية الرهبانية ملتزمون في الحفاظ على المواهب التي نالوها وجعلها تثمر واضعين إياها في خدمة الأخوة والأخوات المحتاجين. وقال إن الامتنان والمسؤولية هما صفتان ميزتا حياة القديس يوسف الذي كان حامياً للعائلة المقدسة ومثالا وهو اليوم مصدر إلهام بالنسبة للجمعية.
بعدها شاء الحبر الأعظم أن يتوقف عند ثلاثة أبعاد من حياة القديس يوسف تكتسب أهمية كبرى بالنسبة للحياة الرهبانية والخدمة المقدمة للكنيسة ألا وهي الابتعاد عن حب الظهور، الأبوة والتنبه لاحتياجات الآخرين.
في سياق حديثه عن الابتعاد عن حب الظهور سلط فرنسيس الضوء على ضرورة أن تكون الحياة الإيمانية متجذرة في المكوث يومياً مع الرب. وقال: بدون يسوع لا نستطيع الوقوف على رجلينا. لذا من الأهمية بمكان أن تُنمّى حياة الصلاة من خلال المشاركة في الأسرار والإصغاء إلى كلمة الله والتأمل بها، فضلا عن السجود للقربان، فردياً وجماعياً. وذكّر البابا الحاضرين بأن القديس يوسف تجاوب مع الهبة العظيمة ألا وهي أن يكون ابن الله المتجسد في بيته، فقد عاش معه، أصغى إليه وتقاسم معه الحياة اليومية. وأضاف البابا أن هذا الموقف يظهر جلياً من خلال الرسالة التي يقوم بها ضيوفه، لاسيما وسط الشبيبة. وقال إن الشبيبة لا يحتاجون إلينا، إنهم يحتاجون إلى الله. وكلما عشنا حضوره كلما ساعدناهم على اللقاء به، ونبقى حريصين على خلاصهم وسعادتهم. وذكّر البابا في هذا السياق بأن شبان اليوم يعيشون في مجتمع يصب الاهتمام على الأمور السطحية والخارجية، مشيرا إلى أن الحياة التي تُعاش بشكل سطحي تترك فراغاً في الداخل. وحثّ ضيوفه على أن تكون جماعاتهم وبيوتهم أماكن يشعر فيها الشبان بدفء العلاقة مع الله ومع الأخوة.
فيما يتعلق بالبعد الثاني ألا وهو الأبوة، تحدث البابا عن القديس المؤسس الذي كان يحركه قلب أبٍ يتأثر أمام اللامبالاة التي تلحق الذل بأبنائه، خصوصا عندما تصدر تلك التصرفات عن أشخاص ينبغي أن يساعدوهم. وقد كان مستاءً جداً ممن اكتفوا بانتقاد الشبيبة الضائعة والتي فقدت البوصلة، عوضاً عن مساعدتها. وتوقف فرنسيس عند ضرورة قبول الأجيال الفتية لأنها تتمتع بقدرات كبيرة في صنع الخير، ويمكن أن تثمر بوفرة، إذا ما تمت مرافقتها بحكمة وصبر وسخاء. وعبر عن امتنانه للجهود التي يقوم بها ضيوفه الذين يهتمون بالشبان ويقفون إلى جانبهم وإلى جانب أسرهم، لافتا إلى أنه عمل شاق ومتعب لكنه ضروري جداً خصوصا في زماننا الراهن.
في معرض حديثه عن البعد الثالث والأخير، ألا وهو التنبه لاحتياجات الآخِرين، قال البابا إن القديس يوسف قبل في بيته وفي حياته إلهاً، خالف كل التوقعات، وجاء من خلال فتاة هشة، وقد فعل ذلك بإيمان ومحبة. فقد تعرف القديس يوسف على حضور الله وسط الفقر، وقد اتحد مع هذا الحضور. وهذا هو معنى قبول الضعفاء والآخِرين إذ ينبغي أن نتقاسم معهم فقرنا عوضا عن الانحناء عليهم ومعاملتهم بفوقية. وأضاف فرنسيس أن هذا كان أيضا في صلب تعاليم القديس جوزيبيه ماريلو، الذي ترك فسحة خاصة في قلبه للفتيان المحتاجين والفقراء، وهذا ما يدعونا إليه الرب اليوم.
ختاما جدد البابا شكره لضيوفه على الخدمة التي يقدمونها للكنيسة والمجتمع وحثهم على الاستمرار في هذا السخاء.