د. أمير فهمي زخارى

نوع من "البشر" اللى قصتهم حزينة وكانوا موجودين فى منطقتنا العربية وفى مصر أيضا ربما لغاية اختفاؤهم من 100 سنة بس هما "الخصيان"، و"الخصي" هو الشخص الذى جلب "عبدا" صغيرا، ثم تم خصيه بإزالة أعضاؤه التناسلية، لغرض واحد وحيد وهو أن يكون راعيا لـ"حريم" الأثرياء، وخادما لهم، دون أن يخشى عليهم من أي شر..
 
ورغم إن "الخصي" أو "الجب" هي محرمة فى الشريعة الإسلامية، إلا إن "الخصي" كان دايما موجود فى تاريخنا، وملازم للأغنياء وظاهرة "تعدد الزوجات"، و"ملكات اليمين"، وكان هناك إقبال واسع بين الأثرياء على اقتناء هؤلاء "المخصيين" فى دورهم الفارهة..
 
من الأمور المهمة لـ"الخصي" انهم استخدموا فى خدمة الحرم المكي، والكعبة، وكان الخصي الذى يخدم فى الحرم المكي يطلق عليه "الأغا" وتعني "السيد"، وكان لهم مقر إقامة فى مكة بالقرب من الحرم، تسمى حارة الأغوات، ومازال عدد قليل من الأغوات على قيد الحياة حتى الآن فى المملكة العربية السعودية..
وتوجد مدينتين مصريتين كانتا بيتم فيهما عملية "الخصي" أو الجب، وهما "أسيوط" و"جرجا" وبالأخص "قرية دير الزاوية" الموجودة بين أسيوط والغنايم حاليا، وبيطلق عليها إنها "عاصمة السفاحين" المجرمين الذين يقومون بهذه الفعلة البشعة.
 
فى فصل الخريف من كل سنة، حيث الجو معتدل فلا فرصة لالتهاب الجروح، بيختاروهم من صغار العبيد القادمين من السودان، فى اعمار من ست إلى تسع سنوات، بيتم شراء العبد من دول بقيمة من جنيه ونصف إلى ثلاثة جنيهات.. 
 
بيتم عملية بتر كافة الأعضاء التناسلية الخاصة بالعبد المسكين وإزالة كل ما برز عن جسده وليس عضوه الذكري فقط، ثم بيتم صب زيت مغلي على مكان الجرح، وتركيب أنبوبة فى الجزء الباقي من مجرى البول، ثم يتم دهن مكان الجرح بالحناء، ودفن الفتى المعذب فى الأرض إلى ما فوق البطن لمدة 24 ساعة، وبعدها يستخرج من التراب ودهان الجرح بعجينة من الطين والزيت..
 
ربع الغلمان المساكين اللى بيتعرضوا لهذه الممارسة كانوا بيموتوا تقريبا، أما الباقي فبيقضي حياته فى الكثير من المعاناة الجسدية والنفسية بكل تأكيد..
 
يعرف الخصي عامة بمظهره الخارجي وهيئة جثمانه، فإنه يكون أمرد سليب اللحية والشاربين، بجسم فيه ميل إلى السمنة، وصوت أنثوي....
 
لعل أشهر الخصيان فى تاريخ مصر، هو الوالي "داوود باشا الخادم"، والي مصر فى الفترة من 1538 ميلاديا وحتى 1550 ميلاديا، ومازال المسجد الذي يحمل اسمه قائما إلى اليوم فى "سويقة اللالا" بالسيدة زينب، وطبعا التصق اسمه بوجبة شهية يحبها المصريين إلى اليوم وهي "كرات اللحم" أو "كفتة داوود باشا"، وقد كان معروفا بكونه رجل صالح، محب للعلم، وصاحب لمحة صوفية، وكان محبوبا من المصريين..
 
لك الله يا مصر حتى الوالى المخصي داوود باشا حكم مصر وله أكله شهيه بأسمة الى اليوم وهي كفته داوود باشا... تحياتي.
 
المصدر:
كتاب "لمحة عامة إلى مصر" للطبيب الفرنسي الشهير، ومؤسس الطب الحديث و"قصر العيني" فى مصر "أنطوان كلوت"، أو "كلوت بك" كما عرفه المصريين.