بقلم: يوساب سعدي
تعاني ثقافتنا المصرية الكثير من المعلومات المغلوطة وخاصةً التي تتعلق بالأمور الطبية والذي ينتج عنها بعض الأخطاء و المغالطات الجسيمة وخاصةً النصائح الخاطئة والتي تؤدي إلى تدهور حالتنا الصحية أو قد تؤدي إلى حدوث مصائب كبيرة فأحيانا كثيره عندما يشكي لنا شخص من مرضه فحينها نوصف له الأدوية ونشخص الأمراض ونعطي الآراء الطبية وكأننا خبراء في الطب، رغم أننا نعتمد فقط على الآراء والمعلومات المغلوطة والموروثة من الأجيال السابقة.

فمثلاً حينما يعاني شخص من فقدان الرغبة والطاقة لممارسة الأنشطة التي أعتاد الاهتمام بها في حياته اليومية والشعور بالذنب والقلق أواضطراب النوم وصعوبة في التفكير أو التركيز والشعور بالتعب الدائم والتفكير في الانتحار وفقدان الرغبة الجنسية "وهذه بعض الاعراض وليس كلها"

ففي حينها يخطر ببال البعض أن أحد أسباب هذه الأعراض هي أسباب جسدية ويفكر في الذهاب الى أحد الأطباء لأخذ الدواء اللازم وعنده الإيمان الكافي ليشفي ولكنه لا يشفى

ويعتقد البعض الآخر أن سبب هذه الأعراض هي البعد عند الله أو العبادة أو حتى قد يفكر في أنه احدى "الأعمال السحرية" كما يدعي الأشخاص الدجالين ولكن لا يخطر على بال أحد أن ملخص هذه السطور تنحصر تحت مرض له فروعا كثيرا ولكن أشهرها "الاكتئاب"

 نعم الإكتئاب فهو مرض يصيب الإنسان مثله مثل أي مرض جسدي آخر وانا هنا لا أتحدث عن الاكتئاب كطبيب بل كصاحب تجربه ولكني في النهاية هزمتها وعفاني الله منها بعد وقت دام طويلا من عدم معرفتي بهذا السارق الملعون الذي يسرق أرواحنا مثلما يسرق اللص المال

وما دفعني الى التحدث عن الاكتئاب هو ما لاحظتة عن تفشي المرض وبكثرة وخاصه بين الشباب والمراهقين بشكل كبير فلذلك حتم علىّ ضميري بأن أساعد غيري عندما يكون في نفس المأزق وحيداً لا يعرف أن هذا المرض يتسلل إلى الروح في الخفاء من أعباء وضغوطات الحياة

فالإكتئاب ببساطة مرض كمثل باقي الأمراض العادية أو المزمنة لا يصيب الجسد ولكنه يصيب الروح والنفس وأسبابه ليست البعد عن العبادة أو عن الرياضة أو كما يُشاع من مغالطات بل أحد أسبابه هي

1-العوامل الوراثية والتاريخ العائلي فيزداد خطر الإصابة بالإكتئاب عند الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بالإكتئاب أو أي إضطراب مزاجي آخر

2-الإصابة ببعض الحالات الطبية ، مثل بعض الأمراض المزمنة لاسيما التي يصاحبها ألم مزمن، والأرق، ومرض باركنسون (الشلل الرعاش)، والسرطان.

3-كيمياء الدماغ فيوجد في الدماغ العديد من النواقل العصبية التي لها دور مهم في الحالة المزاجية للفرد، ويعد اختلال توازنها أحد مسببات الاكتئاب المحتملة.

4-عوامل بيئية فيعتبر العوامل والظروف الحياتية الصعبة التي قد يمر بها الفرد أحد عوامل الخطر للإكتئاب، مثل فقدان شخص عزيز، أو الفشل بأمر ما، أو التعرض للتوتر فترات طويلة ، "وهذه بعض الأسباب وليس كلها" وغيرها من الأسباب المعلنة أو الخفية

 وفي كل الحالات لكل داء دواء فيوجد أيضاً للإكتئاب العديد من الأدوية الفعالة سواء كانت علاجية او بديلة أو طبيعية وكما قالوا قديما "معرفة الداء نصف الدواء" لذا لا تتأخر عن علاج نفسك إذا ظهرت عليك بعض هذه الأعراض. ولا تحزن لو اُصبت بهذا الداء فتأكد إنك من الأذكياء مرهفو الإحساس الذين يفكرون ويبتكرون أو من الأشخاص الذين يفهمون الحياة بمنظور وشكل مختلف ،لا من الأغبياء البلهاء الذين كل ما يأملونه في الحياة هو المأكل والملبس والمسكن والجنس وبعض الأمور الأخرى التافهة ولا تخشى من كلام الأشخاص الذين يدعون أن المريض النفسي "مجنون" ،فالمريض النفسي كالمريض العضوي الإثنين يحتاجون إلى دواء بل وأضف إلى ذلك أن الروح هي أكثر تعرضاً للإرهاق والتعب والإصابة بأمراض مختلفة أكثر من الجسد وتذكر أن المجنون الحقيقي هو الشخص المصاب بمرض ما ويعرف أنه مصاب ولا يعالج نفسه بل يؤذي من حوله