ياسر أيوب
الذين ينتظرون أى رجال أعمال يأتون من بعيد لإنقاذ أنديتهم من أزماتها المالية الخانقة والدائمة.. والذين يكتفون بالهجوم على الآخرين طول الوقت بدلًا من البحث عن حلول حقيقية لإنقاذ ناديهم.. والذين تعيش أنديتهم نفس الأزمات الدائمة دون محاولة لتغيير فكر ومنهج الإدارة بدلًا من تغيير أسماء ووجوه.. كل هؤلاء مطالبين بقراءة حكاية نادى يونيون برلين والتى تعلمت منها أوروبا واحترمها العالم حولنا.
فهذا النادى عاش طويلًا فى ألمانيا الشرقية من ١٩٤٩ حتى ١٩٩٠ ناديًا مظلومًا ومنسيًا ومهملًا وفقيرًا.. وأدى ذلك لأن يتعاطف معه كثيرون من سكان برلين.. وحين عادت ألمانيا دولة واحدة من جديد.. بقى يونيون برلين يواجه أزماته المالية، لدرجة أن يرفض الاتحاد الكروى الألمانى أربع مرات صعوده للدرجة الثانية بعد الفوز بدورى الدرجة الثالثة نتيجة الأزمات والديون.
وكاد أن يهبط حتى من الدرجة الثالثة فى ٢٠٠٨، لأن ملعبه لم يعد صالحًا.. وهنا أدرك جمهور يونيون برلين نهاية زمن تشجيع التصفيق والهتاف والافتات.. ولأول مرة فى تاريخ الكرة يشهد العالم جمهورًا يتطوع لبناء ملعب ناديه.. ٢٠٠٠ متطوع قادهم عشرة مهندسين ونجحوا بعد ١٤٠ ألف ساعة عمل فى تطوير بناء الملعب الجديد.. وحكت المهندسة سيلفيا فايسهايت، التى أدارت كل ذلك، كيف كانت شاهدة على إحدى أجمل وأرق قصص الحب الكروى فى التاريخ.
وعلى الملعب الجديد رد اللاعبون الجميل لجمهورهم، فصعدوا للدرجة الثانية فى الموسم التالى.. وكان نفس الجمهور قد قام قبل ذلك بحملة للتبرع بالدم شارك فيها كثيرون جمعوا مقابل دمائهم أكثر من مليون يورو قدموها لناديهم.. ولم تقتصر حكاية النادى على هذا الحب الاستثنائى.. إنما كان هناك رئيس استثنائى أيضًا اسمه ديرك زينجلر.. ورغم أنه كان رجل أعمال فى مجال المقاولات.
إلا أنه رفض أن يبقى النادى ينتظر منحة من أى أحد، ولابد أن يمتلك موارده الخاصة والدائمة مع تقليل النفقات وإعادة الهيكلة الإدارية.. وكان من نتيجة ذلك أن النادى الذى عاش لسنين طويلة محاصرًا بالديون والأزمات بات يحقق ربحًا سنويًا يزيد عن ١٢ مليون يورو.. وقد يكون الرقم قليلًا جدًا بالحسابات الكروية الأوروبية، لكن الأهم والأجمل أن النادى لم يعد يحتاج حاليًا لمساعدة وهدايا وهبات من أى أحد.
وسبق أن اتفق زينجلر كرئيس للنادى مع أوليفر رونرت، المدير الرياضى، على قاعدة غيرت مسار النادى ومكانته.. قاعدة يمكن تلخيصها فى أنه إن لم تملك أموالًا كافية مثل الآخرين فمن الخطأ تقليدهم والتفكير مثلهم.. وبالفعل.. لم يعد يونيون برلين يلهث وراء نجوم يستجدى رضاءهم، إنما يصنعهم ويفوز بهم ويربح أيضًا.
نقلا عن المصرى اليوم