Oliver كتبها
الله خلق الإنسان و أنعشه بالموسيقى.جعل لكل ما فى الطبيعة صوتاً.هكذا تندمج أصوات الطبيعة فتتمتع آذاننا و أذهاننا بها.بالموسيقي نتعرف علي ما نراه..تنهمر فى القلوب النغمات تذيبه و تحافظ على إنسانيته.الله وهب الإنسان  وحده القدرة على تأليف الموسيقى على صورة الله.
 
القديس إفرام سريانى الجنس ,لكنه عطية إلهية لجميع الكنائس .عاش فى زمن العظماء.جيل القرن الرابع أعظم جيل بعد عصر الرسل.عاش مع الله فصار قديساً وسط جيل عملاق  يضم القديسين على سبيل المثال لا الحصر: أنبا أنطونيوس- أنبا بولا – أنبا أثناسيوس أنبا إفراهط,الثلاثة عظماء باسيليوس إغريغوريوس كيرلس الأورشليمى,زمن المقارات الثلاثة و آمون المصرى.,يوحنا كاسيان و ذهبي الفم  و هيلانة الملكة,زمن المجامع و عمالقة التعليم و التفسير المبحرين في اللاهوتيات. لم يقل مار إفرام عن هؤلاء فى برهم لذلك تعترف به جميع الكنائس و تحتفل بعيده.إفرام أى المثمر و قد أثمر الروح فيه بوفرة.
 
أجمل ما نراه في سيرة مار إفرام هو إستخدام الموسيقي فى التعليم و التفسير و حتي في الرد علي الهرطقات.لأنه كان شاعراً فجعل الشعر ترانيم و جعل الترانيم تعليما دسماً و جعل التعليم أداة حية ضد الهراطقة.كان ق أثناسيوس يحارب الأريوسية بالتعليم و كان مار إفرام يحاربها بالترنيم. نظم أشعاره ليرد على مزامير برديصان الغنوسية,مائة و خمسون ترنيمة  رداً على 150 مزمورا للهرطوقي برديصان .أناشيد إيمان دسمة با لتعليم اللاهوتى فصارت وجبة سهلة الهضم يفهمها البسطاء فيتجنبون شر هرطقات الغنوسية و المانوية ثم الأريوسية .بالشعرالروحى أسس مار إفرام مدرسة نصيبين.
 
أخذ مار إفرام الموسيقي من الله فبقيت فى داخله يتعايش معها فأخذت ما فى قلبه من روحانية و صارت أناشيداً مرنمة  لم يكتب أحداً مثلها منذ قرون.غزارة عطية الله أثمرت ثمانون نشيداً  للتأمل فى مجالات متنوعة.مدرسة الرها تأسست على تعليم إفرام بالأناشيد .مقطوعاته وفيرة حتى طمع أقزام التفسير في كتاباته فطبعوا أسم مار إفرام على كتاباتهم الضحلة كما يفعل لصوص الأفكار و المتسلقين دوماً .لكن البحث الدقيق كشف زيف الكتابات المنسوبة زوراً لمار إفرام باللغة اللاتينية.. 
 
لم تكن ترانيم مار إفرام للتسلية.و لا كانت سطحية ساذجة.لم تكن للتجارة أو الشهرة.لم تكن تافهة أو راقصة.كانت ترانيمه وقورة مؤثرة فى الفكر شارحة لمفاهيم إنجيلية.كان يفسر الكتاب كمن يرنم. و كان يرنم كمن يفسر الكتاب لذلك بقيت  تفاسيره حتى اليوم  حية متداولة.كانت ترانيمه تكليفاً يشعر به.ففاقت المئات عدداً .و بقي قيثارة الروح القدس الذى نطق في مار إفرام شعراً و نثراً. جمع  فيه بين التفسير الحرفي و التفسير الرمزى.خدم الكتاب المقدس بلسان داود و أناشيد سليمان.
 
الحلو في مار إفرام كان مخلوقاً للتسبيح كأنه ملاك.جعل الترنيم رسالة و  وسيلة سفر الفكر من الأرض للسماء..لم تكن لإرضاء الناس بل الله.الشعر عنده ليس فقط موزون علي القوافي السريانية (الآرامية) بل بالأكثر موزون على تعليم الإنجيل.إنه القديس الذى رأى كل أفعال المسيح نشيداً منعشاً للنفس و قرأ الإنجيل كترنيمة.العذراء عنده سر روحى جميل و الشهداء أبيات شعر منثورة كالدرر  لتسبيح الله, كان يعيش القداسة قبل الكتابة و الصلاة أصل ترانيمه.لذا قدم  مار إفرام التفسير كوجبة دسمة منمقة بأفضل ما يعرفه من الشعر.لتصلح مائدة لأولاد الملك. لم يكن مار إفرام يحشو عبارات أغانى العالم  بألفاظ لكي تبدو ترانيم  دينية بل كانت العبارات ذاتها تخرج بنقاوة قلب و تنطق بكلام الروح بغير إفتعال ..
 
كم نحتاجك إيها الناظم الدرر .لتسترد الترانيم هيبتها و وقارها.لتعود الأناشيد تسبحة جماعية كما فعلت في نصيبين.لننبذ هذه الكلمات الفجة التى تقتحم الترنيم و نطرد تشويش الهرطقات منها.عد يا إفرام القيثارة فإن الموسيقي الروحية تحتاجك.فالشعر عندنا يئن من فقره و الكلمات لا وصف لضحولتها.و ليمنحنا الروح القدس بعضا مما نلته لنترنم للرب كما يليق كل الأيام.