ياسر أيوب
من أجل توزيع عادل لمياه النيل.. أسس الملك مينا أول جهاز للشرطة فى مصر بعد نجاحه قبل الميلاد بأكثر من ثلاثة آلاف عام فى توحيد شمالها وجنوبها.. ولأسباب ودواعٍ أخرى تأسست الشرطة فى الصين وبابل.. لكن يبقى نابليون بونابرت هو أول مَن أسس قسم شرطة فى فبراير ١٨٠٠.. وباتت بعدها أقسام الشرطة وأجهزتها وإداراتها من أساسيات ولوازم كل بلدان العالم.
وحين بدأ العالم يعرف ويلعب كرة القدم أصبح أحد واجبات الشرطة ومهامها المحافظة على الأمن داخل الملاعب وخارجها وسلامة الجماهير واللاعبين.. ولم يعد ممكنًا إقامة أى مباراة تغيب أو تنشغل عنها الشرطة.. ولهذا قرر أحمد أبوطالب، عمدة مدينة روتردام، إلغاء القمة الهولندية، التى كان من المفترض إقامتها الأحد المقبل بين فينورد روتردام وأياكس أمستردام.
فالشرطة الهولندية سبق أن أعلنت الإضراب احتجاجًا على إلغاء خطط المعاش المبكر لضباط الشرطة وحكم القضاء الهولندى بحق الضباط فى الإضراب.. وبعدها أكد الضباط رفضهم تأمين القمة الهولندية بالتحديد للفت الانتباه إلى مطالبهم.. وقال «أبوطالب»، مغربى الأصل، الذى يدير مدينة روتردام منذ ٢٠٠٩، إنه ليس باستطاعته السماح بمباراة بين هذين الناديين بدون وجود رجال الأمن.
فمنذ تأسيس أياكس فى أمستردام ١٩٠٠ وفينورد فى روتردام ١٩٠٨.. والحساسية قائمة ودائمة بين الناديين، اللذين تقاسما وحدهما بطولات هولندا حتى ١٩٧٤. ومبارياتهما معًا، التى يطلقون عليها دى كلاسيكر، أصبحت منذ المباراة الأولى فى ٩ أكتوبر ١٩٢١ عنوانًا للتعصب والعنف والغضب.. فهى ليست مجرد مباريات بين ناديين كبيرين، إنما مواجهة كروية بين مدينتين تتنافسان فى مختلف مجالات الحياة.
سياسة واقتصاد وتجارة وفنون وتاريخ وحكايات.. فعلى الرغم من أن المدينتين تتشابهان فى أمور كثيرة مثل الإقامة على ساحل البحر ونهر خاص لكل منهما.. أمستل فى أمستردام وروتى فى روتردام.. وتتشابهان فى جمال الحدائق واستخدام الدراجات وحب فطائر التفاح، لكن لم يمنع ذلك الحساسية بينهما.. فأمستردام هى العاصمة، لكن روتردام هى الميناء الأكبر فى أوروبا.
ولا تزال أمستردام تحتفظ بمبانيها التاريخية، لكن روتردام هى الأحدث بعد إعادة بنائها عقب تدميرها فى الحرب العالمية الثانية. وأصبحت مباريات الناديين ساحة مناسبة للتعبير عن تلك الحساسية والمنافسة.. وشهدت الكثير من حوادث العنف، وكان لها ضحايا كثيرون.. ويعرف ضباط الشرطة الهولنديون ذلك، وأرادوا استغلال القمة لعرض مطالبهم.
ورغم أنه ليس جديدًا أن يُضرِب رجال الشرطة لتحقيق مطالبهم منذ إضراب الشرطة فى لندن الإنجليزية ١٩١٨ وبوسطن الأمريكية ١٩١٩.. فإنه ليس معتادًا أن تكون كرة القدم هى الضحية على حد تعبير مسؤولى أياكس وفينورد.
نقلا عن المصري اليوم