يشعر المسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأنهم حققوا انتصاراً ضد إيران، ويستطيع المتحدّث إلى مسؤولين في هذه الإدارة استشعار هذا الشعور من خلال تعداد المسؤولين الأميركيين سلسلة من الأهداف التي حققها بايدن خلال الأشهر الماضية.

 
القوة بديلاً
هدّدت إيران بشنّ هجوم انتقامي لدى اغتيال زعيم تنظيم حماس إسماعيل هنية، لكن جو بايدن بعث إلى إيران رسائل مباشرة ومن خلال الوسطاء، أن الولايات المتحدة ستكون مستعدة للردّ على أي تهديدات، وحماية الجنود الأميركيين في المنطقة والدفاع عن إسرائيل.
 
ولو نظرنا إلى حجم القوات التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى المنطقة خلال الأسابيع الماضية، لوصلنا إلى نتيجة واحدة وهي أن الأميركيين يملكون الآن قدرة عسكرية ضخمة في المنطقة.
 
فوزارة الدفاع الأميركية أرسلت إلى المياه قبالة إيران، حاملتي طائرات مع كل السفن المرافقة لها.
 
كما حشدت في المنطقة طائرات على قدرات عالية مثل إف 16 وإف 15 وإف 35 وإف 22، ثم أعلنت أنها ترسل غواصة تحمل صواريخ من نوع توماهوك، وكلها قادرة على رصد أهداف وضربها، وصدّ هجمات صاروخية إيرانية تستهدف الأميركيين في المنطقة أو تستهدف إسرائيل أو تستهدف أراضي الدول الجارة.
 
"إيران لم تفعل شيئاً"
وأوضح مسؤول أميركي لـ"العربية/الحدث"، أن إيران لم تفعل شيئاً منذ اغتيال هنية، مضيفاً أن السياق الزمني يثبت أن بعث الرسائل أمر مهم جداً.
 
وتابع أن إرسال القوات الضخمة إلى المنطقة له مهمتان، الأولى هي الدفاع عند الضرورة، والبعث برسالة أن الولايات المتحدة لديها الإرادة والقدرة.
 
كما قال إن إيران تعرف أن أقوى قوة في العالم تقف إلى جانب الدول التي تخاصمها، مشدداً على أن إسرائيل وباقي الدول في المنطقة، يعرفون أن الولايات المتحدة تقف إلى جانبهم.
 
الأميركيون باقون
لا يريد الأميركيون القول إنهم "ردعوا إيران" لأن الأوضاع في الشرق الأوسط تأخذ مجرى غير متوقّع في بعض الأحيان، لكن مسؤولاً أميركياً تحدّث إلى "العربية/الحدث" بأن الولايات المتحدة أثبتت، وتثبت من خلال الحضور العسكري الضخم أن الولايات المتحدة الأميركية لم تترك منطقة الشرق الأوسط.
 
وصحيح القول إن الولايات المتحدة ترى منذ أكثر من عشر سنوات، أن المخاوف الأكبر تنبع من تصاعد القوة الصينية، وأن على واشنطن أن تتدارك المخاطر التي تسببت بها روسيا بهجومها على أوكرانيا، لكن إدارة بايدن الحالية تريد التأكيد أنها قادرة على مواجهة المخاطر في منطقة الشرق الأوسط من خلال قوة عسكرية متحرّكة وعالية القدرات التقنية وقوة نارية ضخمة.
 
كما يهتم الأميركيون بهذه الرسالة، خصوصاً أن إيران اعتبرت بعد خروج القوات الأميركية من أفغانستان، أن الولايات المتحدة تريد ترك المنطقة، وكانت طهران ترى أن لديها الفرصة لاستغلال الفراغ الأميركي وتحقيق أهداف إضافية في الشرق الأوسط، لكن المسؤولين الأميركيين يشيرون بوضوح إلى أن ما قامت به واشنطن خلال السنوات الماضية يجب أن يؤكد عكس ذلك تماماً، والرسالة موجهة إلى إيران ولباقي الحلفاء في منطقة الشرق الأوسط.
 
إيران تخشى ترامب
من المثير جداً للانتباه، أن كل هذه الأحداث تترافق مع "كلام كثير عن الملف النووي الإيراني"، فخلال الأيام الماضية أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران تتابع تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وأنها تملك أكثر من 140 كيلوغراماً من هذه المواد المرتفعة الخصوبة.
 
ترافق ذلك مع كلام المرشد الإيراني، علي خامينئي، يوم الثلاثاء الذي أشار إلى أنه من الممكن الدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة في هذا المجال.
 
ومن الممكن أن يكون كلام المرشد الإيراني في سياق المعتاد، فإيران اعتادت على محاولة مدّ الجسور مع الإدارات الديمقراطية، وتتخوّف من الإدارات الجمهورية التي تهددها عادة باستعمال القوة.
 
والآن، مع اقتراب الولايات المتحدة من الانتخابات الرئاسية، هناك "نافذة ضيّقة" من شهرين للتحدّث إلى بايدن قبل أن تنجلي المعركة الرئاسية، وحظوظ المرشح الجمهوري للفوز بها تصل إلى 50% وربما أكثر.
 
بايدن لا يتجاوب
أوضحت وزارة الخارجية الأميركية يوم الأربعاء لـ"العربية/الحدث"، أن إدارة بايدن كانت مستعدة للتحاور مع إيران.
 
وأضاف متحدث باسم وزارة الخارجية في تصريحات خاصة، أنه لو أرادت إيران أن تثبت جدّيتها، فإن باستطاعتهم وقف التصعيد النووي والبدء بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
 
كما تابع المتحدث باسم وزارة الخارجية إلى أن مقاربة الولايات المتحدة لم تتغيّر، قائلا: "قلنا منذ وقت طويل إننا نرى الدبلوماسية كأفضل وسيلة للوصول إلى حل فعّال ومستدام للبرنامج النووي الإيراني".
 
وتابع: "على أي حال، نحن على مسافة بعيدة من ذلك الآن بسبب التصعيد الواسع الذي تقوم به إيران بما في ذلك التصعيد النووي وفشل إيران عن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
 
يعرفون النووي الإيراني
يشار إلى أن مسؤولا في الإدارة الأميركية كان تحدّث إلى "العربية/الحدث"، شدّد على الحلّ الدبلوماسي، نافياً أن تكون القوة العسكرية التي حشدتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تخصص في جزء من مهمتها ردع إيران عن متابعة البرنامج النووي.
 
لكنه أكد أن الولايات المتحدة لديها رؤية واضحة لما تفعله إيران في برنامجها النووي، وأنها تعرف أين هي المواقع الإيرانية.