كمال زاخر
تعصب المرء لما يعتقد أمر طبيعى ومفهوم، خاصة فى المجتمعات المنغلقة والمأزومة، والتى لم تعش او تختبر أجواء القبول بالتنوع والتعدد ولم تستسغ حق الاختلاف، خاصة فى الفضاءات الدينية، سواء بين الأديان وبعضها، او بين طوائف ومذاهب الدين الواحد، أو بين اجنحة الطائفة أو المذهب الواحد، حتى الى الكيان الدينى الواحد على مستوى الحى أو القرية بين اطرافه.
 
المتابع لاطروحات العالم الافتراضى يصدمه تحول الأمر الى ظاهرة مؤرقة، ليس بعيداً عن اسباب استفحالها غلق المجال السياسى وانهيار قنوات الحوار العام، وتخلى الإعلام عن مسئولية نقل ومناقشة وطرح حلول لهموم الشارع ووضعها أمام اصحاب القرار.
 
الجديد فى ظاهرة الصدام اللفظى - المفتقر للعمق - فى المجال الدينى والطائفى والبينى، على ساحات العالم الافتراضى، هو اصرار كل الأطراف على نقد ونقض معتقدات من سواهم، بدرجة تكاد تكون اجبار الآخرين على ترك معتقداتهم، أو على الأقل تشكيكهم فيها، بعد تشويهها، غير مدركين انهم يدعمون مد "الالحاد" الذى ستطال اياديه الاخطبوطية شباب كل الأطراف. وقد يقتنصهم.
 
متى يدرك هؤلاء وأولئك أن العالم الافتراضى ليس المكان الصحيح لتلك الأطروحات، حيث لا عمق ولا موضوعية ولا حوار جاد انما تراشق يصل الى حد الاسفاف، لغة وطرحاً، الذى( يعمق الفجوة.
 
المكان الصحيح، دحضاً وقبولاً واتفاقاً، داخل اروقة بحوث الاديان المقارنة، أو المجالس العليا لكل دين، وطائفة ومذهب، والحوارات المسكونية أو الاقليمية.
يبقى ان هذه الظاهرة المتنامية تشير بأصابع الاتهام لآليات التعليم عند كل الفرقاء، وتكشف افتقارها لفهم دورها فى ترسيخ قيم ما تؤمن به لصالح سلام الإنسان وبناء منظومة قيمه الحرية والمحبة والعطاء وقبول الأخر.