( 1882- 1964 ) 
إعداد/ ماجد كامل 
ميلاده ونشأته : 
ولد "ملطي سرجيوس عبد الملاك "  في عام 1882م بمدينة جرجا ، تعلم في كتاتيب القرية  ، ثم المدرسة الابتدائية
 
الالتحاق بالكلية الإكليركية : 
يذكر عنه الارشيدياكون حبيب جرجس في كتابه " المدرسة الاكليركية بين الماضي والحاضر " تحت أسم " ملطي سرجيوس " فقال " ملطي سرجيوس : من جرجا ، التحق بالمدرسة سنة 1898 وقضى بها 5 سنوات ورسم قسا على كنيسة ملوي . ثم نقل الي جرجا .فالزقازيق، فسنورس . فاسيوط حيث رسم قمصا . فالسودان .فجرجا . فالقاهرة بالقللي ، وجنابه الآن القمص مرقس سرجيوس كاهن كنيسة الأقباط بالقللي . أصدر مجلة المنارة " ( حبيب جرجس المدرسة: الاكليركية بين الماضي والحاضر ، الشخصية والصورة رقم 26 ، صفحة 266 ) . ولقد عمل القمص مرقس سرجيوس وكيلا لمطرانية أسيوط في 30 أكتوبر 1907 .
 
خدمته في السودان : 
في سنة 1912 ، أرسله البابا كيرلس الخامس للخدمة في السودان ، ليكون وكيل مطرانية الخرطوم ، ومن هناك أصدر مجلة " المنارة المرقسية " وكان هدف المجلة دعوة الأقباط والمسلمين إلى الوحدة والتآخي ، وتقويم الاعوجاج الذي تأصل في الأقباط ككنيسة ، والضرب على العادات التي أضلت الشعب وأفسدت ما ورثناه من الآباء القديسين . 
 
مما أثار غضب الإنجليز عليه وأمروا بعودته إلى مصر في غضون أربع وعشرين ساعة ، وكانت  آخر كلماته للقنصل الإنجليزي " إنني سواء كنت في السودان أو في مصر لن أكف عن النضال ضدكم إلى ان تتحرر بلادي من وجودكم " .
 
دوره في ثورة 19 : 
عندما أندلعت ثورة 19 ، برز دور القمص سرجيوس من بين الثوا ر ، فلقد وهبه الله لسانا فصيحا يهز أوتار القلوب إلى حد جعل سعد زغلول يطلق عليه لقب " خطيب مصر " أو " خطيب الثورة " . أقام في الازهر لمدة ثلاثة شهور كاملة يخطب في الليل والنهار ، معلنا انه مصري أولا ومصري ثانيا ومصري ثالثا ، وأن الوطن لا يعرف مسلما ولا قبطيا ، بل مجاهدين فقط دون تمييز بين عمامة بيضاء وعمامة سوداء . 
 
أ برز المواقف الوطنية التي ظهرت فيها وطنيته : 
1-ذكر عنه أنه وقف ذات مرة في ميدان الأوبرا يخطب في الجماهير المتزاحمة ، وفي اثناء خطابه تقدم نحوه جندي إنجليزي شاهرا مسدسه في وجهه ، فهتف الجميع " حاسب يا أبونا ،ها يموتك " فأجاب أبونا في هدوء " ومنذ متى كنا نحن المصريون نخاف الموت ؟ دعوه يريق دمائي لتروي أرض وطني التي ارتوت بدماء آلاف الشهداء . دعوه يقتلني ليشهد العالم كيف يعتدي الإنجليز على رجال الدين . وهنا تراجع الجندي الإنجليزي عن قتله  . 
2-مرة أخرى وقف هو والشيخ القاياتي يتناوبان الخطابة من فوق منبر  مسجد ابن طولون .
 
فلما ضاق يهما الإنجليز ذرعا أمروا بنفيهما معا في رفح بسيناء  . فكان في منفاهما يتحدثان عن مصر ، ويتغنيان بأنشيد حبهما لها . كذلك انشغل في المنفى بكتابة الخطابات ، وإرسالها إلى اللورد ، يندد فيها بسياسة الإنجليز ، ويعيب عليهم  غطرستهم وحماقتهم في معاملة الوطنيين  ، ولقد قضى أبونا سرجيوس والشيخ القاياتي ثمانين يوما في هذا المنفى فى رفح . وبعد ما خرج ظل يخطب في المساجد والكنائس والميادين . 
 
3-فى إحدى المرات وقف يخطب فى الجموع المتراصة فى ميدان رمسيس ، وخلال الخطبة هتف قائلا : "عارفين أنا عملت إيه النهاردة ؟ " فهتف الجميع "  " عملت ايه يا أبونا ؟" أجاب أبونا " أتممت  زواجا مسيحيا لبنت مسلمة ! " فتساءل الجميع " مين هي ؟ " ، أجاب وهو يضحك " جوزت مصر للاستقلال التام ! " . فعلا الهتاف والتصفيق . 
 
4- في إحدي المرات ،طلب من المتظاهرين أن يهتفوا وراءه " يحيا الإنجليز " فأبدى الجموع استغرابهم ، فأوضح لهم قائلا " نعم يحيا الإنجليز لأنهم استطاعوا بظلمهم واستبدادهم وفجاجتهم أن يجعلوا منا هذه الكتلة الموحدة المقدسة الملتهبة " . 
 
5- في أحدى السرادقات التي أقيمت لتكريم يعد زغلول ، طلب منه سعد ان يلقى كلمة ، فأمسك القمص سرجيوس بالميكرفون وقال " والله انك مجنون يا سعد " فتعجب الجميع كيف يقول ذلك في حفل تكريم لسعد باشا ، فاستطرد وقال " والله أنك مجنون يا سعد ، تقدم على دولة عظمى خرجت منتصرة من حرب عظمى وتملك كل شيء ولا تملك أنت شيئا  ، ثم تنتصر عليهم ، والله انك مجنون يا سعد " فضحك سعد باشا وكل الحاضرين الحفل . 
6-من نوادره أنه ذات مرة سأل جموع الحاضرين :"هل تعرفون لماذا وجه الإنجليز احمر ؟ ! . أجاب البعض : " من شرب النبيذ " ، وأجاب البعض الآخر : " من شرب البيرة " ، والآخر "من أكل لحم الخنزير " أما هو فأجاب وقال " لا لا .إن وجه الإنجليز أحمر من كثرة شرب دم المصرين ، فضجت الجماهير بالهتاف " ليسقط الإنجليز ويحيا سعد " . 
 
عمله كوكيل للبطريركية : 
عمل القمص سرجيوس وكيلا للبطريركية مرتين ، المرة الأولى عام 1944 في عهد حبرية البابا مكاريوس الثالث  ، والمرة الثانية عام 1949 في عهد حبرية البابا يوساب الثاني . 
 
أبرز وأهم كتاباته : 
بالإضافة إلى مجلة " المنارة المصرية " ، أصدر عدد من الكتب التي يدافع فيها عن الإيمان المسيحي  ضد الهجمات التي تقام ضده ، ومن ابرز الكتب التي قام بتأليفها : 
1-رد القمص سرجيوس على الشيخين الطنيخي وآخرين  ، حول سر المائدة أو القربان وموضوعات أخرى . 
2-رد القمص سرجيوس على القائلين بتحريف التوراة والانجيل ، أو تغييرهما وتديلهما أو نسخهما ، أي بطلان حكمهما وحلول القرىن محلهما ، ورد اعتراضات أخرى على بعض آيات التوراة والانجيل . 
3-رد القمص سرجيوس على الشيخ العدوي ، حول التثليث والتوحيد – 1946 م . 
4-رد القمص سرجيوس على الشيخين الطنيخي والعدوي حول تجسد الله ولاهوت السيد المسيح – 1947 . 
5-رد القمص سرجيوس على المنتصر المهدي ، حول حقيقة صلب المسيح  موته – 1947 . 
6-هل تنبأت التوراة او الانجيل عن محمد ؟ - 1947 . 
7-هل تنبأت التوراة عن المسيح ؟ 
8-الدكتور نظمي لوقا في الميزان (ردا على كتابه  : محمد الرسالة والرسول ) . 
 
تاريخ وفاته :
تنيح القمص سرجيوس في 5 سبتمبر 1964 ، عن عمر يناهز إحدى وثمانين عاما ،ولقد شارك الآلوف من الشعب في تشييع جنازته ، ثم أعترفت الحكومة المصرية بجهاد الوطني بأن أطلقت أسمه على أحد شوارع مصر الجديدة بالقاهرة  .
 
مراجع المقالة ::
1- حبيب جرجس  :المدرسة الاكليركية بين الماضي والحاضر ، الشخصية والصورة رقم 26 ، صفحة 266 )
2-إيريس حبيب المصري : قصة الكنيسة القبطية ، الجزء الخامس ، موقع الكنوز القبطية Coptic Treasures  ، الصفحات من ( 105- 106 ) . 
3-القمص تادرس يعقوب ملطي : قاموس الآباء القديسين ، موقع الكنوز القبطية Coptic Treasures . 
4-أنطونيوس الأنطوني : وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها ، الجزء الأول ، الصفحات من 427- 429 . 
5-محمد عفيفي : الدين والسياسة في مصر  المعاصرة " القمص سرجيوس " ، دار الشروق ، الطبعة الاولى ، 2001 . 
6-القمص بولس باسيلي :- ذكرياتي فى نصف قرن ، الطبعة الأولى ، يناير ، 1991 ، الصفحات من 141- 155 .