هاني لبيب
تناولت على مدار الأسبوعين الماضيين على صفحات جريدة «المصرى اليوم» ما حدث مع الفنان محمد فؤاد بأحد المستشفيات التعليمية الجامعية.. كتبت فى المقال الأول تحت عنوان: «التعاطف الافتراضى مع طبيب الطوارئ!»، فى ٢٣ أغسطس ٢٠٢٤، أنه (مع بداية تسريب خبر ما حدث، تم استقطاع أجزاء محددة من الفيديوهات للإيحاء بأن محمد فؤاد هو السبب، وهو الذى بدأ. وكالعادة، نجد حالة من التنمر سابق التجهيز على الفنانين بإصدار أحكام مسبقة مثلما يحدث مع رجال الأعمال. وهى نظرة عنصرية تميل إلى تحميلهم أخطاء المجتمع والعالم.
تُرى، مَن الذى سيتحمل قانونيًّا وإنسانيًّا لو حدثت أى مضاعفات لشقيق محمد فؤاد أو غيره، ودفع حياته ثمنًا لبعض حالات العنف فى التعامل من الأطقم الطبية والإدارية لبعض المستشفيات، خاصة إذا ثبتت بالفعل إصابته بجلطة فى الشريان التاجى مثلما حدث؟!).
وفى المقال الثانى تحت عنوان: «هاتوا الأمن.. يرمى البتاع ده برة!»، فى ٣٠ أغسطس ٢٠٢٤، تناولت فيه أطراف الجدل الطبى الإنسانى، ومن ضمنهم الرأى العام والنقاد دون ذكر أحد بالاسم، حيث كتبت: (كما استغل بعض النقاد خلافاتهم مع محمد فؤاد.. لتصفية حسابات شخصية قديمة لا علاقة لها بما حدث مؤخرًا. وهو ما زاد من ضبابية حقيقة ما حدث).
وصلتنى رسالة صوتية بعدها من الصديق العزيز الناقد طارق الشناوى، الذى يُعد واحدًا من أهم مراجع الحياة الفنية المصرية، حيث قال فيها: (بالرغم من الغمز واللمز اللى انت عملته عليا.. بطريقة غير مباشرة.. أنى وقعت فى الخطأ الذى حذرت منه الآخرين، بالانحياز لمحمد فؤاد).
فى الحقيقة أننى عندما كتبت مقالى.. لم أكن أقصد ما كتبه طارق الشناوى، بل أقصد ما كتبته ناقدة فنية معروفة، تراجعت عما كتبته بعد الهجوم الشرس عليها، وهو ما يوحى بأنه لم يكن نقدًا حقيقيًّا بقدر ما كان رد فعل لحسابات شخصية. ولذا أثرت أن أكتب عن هذه (الفضفضة) بتعبير طارق الشناوى لأهميتها، ولأهمية المشكلة الجدلية نفسها بغض النظر عن أصحابها وأطرافها، وبغض النظر عن تفضيلنا وتقديرنا لهذا الفنان أم لا.
قطعًا، كتبت بانحياز للفنان محمد فؤاد كما ذكر الشناوى، وهو انحياز مرتكز على متابعتى للصورة الكاملة، ومشاهدة الفيديوهات دون اجتزاء بشكل موجه ضد طرف دون الآخر. فضلًا عن أن محمد فؤاد فى قصة المستشفى الجامعى.. كان رد فعل لما قام به طبيب الطوارئ، ولم يكن هو المبادر الذى بدأ الاشتباك الحوارى. وهنا أتوقف لأؤكد أننى معنى بهذه المشكلة تحديدًا، وليس غيرها.. بمعنى أننى لا أحكم هنا على تاريخ الفنان محمد فؤاد أو تصرفاته وسلوكه الفنى على مدار سنوات إبداعه. وقد توقفت عند هذه المشكلة تحديدًا لأن العديد منّا قد واجهها أو واجهت قريبًا أو صديقًا له. وهو ما رسم صورة ذهنية انطباعية لهذه المشكلة تحديدًا.. جعلتها تنتشر على السوشيال ميديا بسبب أن أحد أطرافها هو فنان مشهور، وغير ذلك.. غالبًا ما يحدث العكس تمامًا.. دون أى اهتمام يُذكر.
قطعًا، أيضًا.. ننتظر جميعًا نتيجة التحقيقات بحيث لا يفلت أى طرف.. تثبت إدانته قانونيًّا من العقاب.
نقطة ومن أول السطر..
أعلم يقينًا ما كتبه البعض فى معرض دفاعهم عن طبيب الطوارئ بأنه قد قضى عمره فى الدراسة والتدريب، وأنه المنوط به طمأنة أسرة المريض على حالته، وأنه من غير المقبول أن يقول له أحد: (إنت مش عارف بتكلم مين؟). ولكن من غير المقبول أيضًا ردود الفعل الاستعلائية من بعض الأطباء فى التعامل مع المرضى. وأؤكد أنه من المهم التواصل الإنسانى الإيجابى.. مع أسر المرضى الذين ينتظرون كلمات الطمأنينة لمواجهة حالة الهلع والخوف، وعدم الاستهانة بتلك المشاعر. وهو هنا تعامل نفسى إنسانى قبل أن يكون طبيًّا ومهنيًّا. وأكرر لا ينفى ذلك قطعًا وجود بعض الحالات الفردية التى تحتاج إلى التعامل القانونى معها.. فلا أحد يقبل أى شكل من أشكال التعدى على الأطقم الطبية بكافة مستوياتهم المهنية.
نقلا عن المصرى اليوم