محرر الأقباط متحدون
البابا فرنسيس بعد الظهر في مدرسة كاريتاس الثانوية الفنية، الموعد الثاني من الزيارة الرسولية إلى بابوا غينيا الجديدة، للقاء الأطفال الذين تساعدهم المنظمتان الخيريتان " Street Ministry " و"Callan Services". استقبال يفوق كل التوقعات بالأغاني والرقصات التقليدية والجوقات والهدايا والتصفيق. سؤال للبابا من طفلين: "لماذا لا تتاح لنا نفس الفرص مثل الآخرين؟"
بعد تحية هذا الصباح مع السلطات السياسية والمدنية، أراد البابا فرنسيس أن يبدأ التزاماته بعد الظهر في بورت مورسبي مع الأطفال. إنهم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء والمشردين والذين ليس لديهم آفاق، الذين تساعدهم المنظمتان Street Ministry وCallan Services، وهما منظمتان خيريتان تابعتان للأبرشية تقدم الأولى المساعدة والتعليم والضروريات الأساسية لجميع القاصرين الذين قد يتجولون في شوارع العاصمة، أما الثانية فتقدم خدمات للأطفال والبالغين ذوي الاحتياجات الخاصة، وتضمن لهم التنشئة المناسبة أيضًا.
بالملابس التقليدية أو الزي المدرسي، انتظر الشباب والأطفال البابا لمدة ساعتين تقريبًا على طول ممر مدخل المعهد، الذي ارتفعت فوقه لافتة عملاقة عليها وجه الحبر الأعظم وكلمات الترحيب. لقد تدربوا على الأغاني والرقصات، وصلوا صلاة الأبانا والسلام مع راهبات الكاريتاس "أخوات يسوع"، ولوحوا بالأعلام ثمَّ اجتمعت الهتافات وضجيج الطبول في انفجار واحد عندما عبرت سيارة الجيب البيضاء التي حملت البابا فرنسيس عبر البوابة.
توقف البابا على الفور ليشاهد عرضين للرقصات القبلية وشكر الراقصين والراقصات، وإذ استقبله الكاردينال جون رباط، رئيس أساقفة بورت مورسبي ورئيسة الراهبات ومديرة المعهد، دخل البابا فرنسيس قاعة المدرسة حيث كان يأتي الغناء. توقف البابا أولاً، مع ماريا وجيفري ماثيو الصغير، اللذين كانا يرتديان أيضًا ملابس العيد، وسلماه باقة من الزهور المزينة بأوراق استوائية، مثل تلك التي تزين شوارع بورت مورسبي الفقيرة. فحياهما البابا وباركهما وترك لهما بعض الحلوى.
لحظات، كالعادة، متوازنة بين العاطفة والحماس؛ بالنسبة للبابا أيضًا الذي بدا متفاجئًا من هذا الاستقبال المدوي والذي كان ينقل رأسه من جانب إلى آخر دون أن يعرف أين ينظر أولاً: سواء إلى الأطفال خلف الأطواق، أو إلى جوقة الفتيات على جانبي المسرح أو إلى الأطفال في ملابسهم التقليدية الذين كانوا ينتظرونه وهم يرقصون في نهاية الصف. استمرت الرقصات تكريمًا للبابا حتى بعد تحية الكاردينال رباط والسؤالين اللذين طرحهما طفلين على البابا من منظّمتي Street Ministry وCallan Services. سأله الطفل عن سبب إصابة بعض أقرانه بإعاقات وعما إذا كان هناك أمل لهم؛ أما الطفلة فسألت خليفة بطرس عن مصيرهم كمتشردين صغار، غالبًا ما يشكلون "عبئًا على الآخرين"، وقالت "لماذا لا تتاح لنا الفرص مثل الأطفال الآخرين وكيف يمكننا أن نجعل أنفسنا مفيدين لجعل عالمنا أكثر جمالًا وسعادة، حتى لو كنا نعيش في الترك والفقر؟".
ومن البلبلة الأوليّة، خيَّم الصمت في القاعة الكبيرة أمام مثل هذه الأسئلة المؤلمة من أطفال لم يبلغوا حتى سن العاشرة والذين يبدو أنهم يحملون ثقل العالم على أكتافهم. في كلمته القصيرة، انطلق البابا فرنسيس من هذه الأسئلة: "لقد سألني أحدكم: لماذا لست مثل الآخرين؟". في الحقيقة، تبادر إلى ذهني إجابة واحدة فقط على هذا السؤال وهي: "لأنه لا أحد منا يشبه الآخرين: لأننا جميعًا فريدون أمام الله!". إنه التأكيد على أن "هناك أمل للجميع"، أكد البابا، وكذلك "أن كل واحد منا، في العالم، لديه دور ورسالة لا يستطيع أي شخص آخر القيام بها، وأن هذا الأمر، حتى ولو تطلب التعب والمشقة، يعطي بحرًا من الفرح، بطريقة مختلفة لكل شخص. إنَّ السلام والفرح هما للجميع".
لا تهمُّ المحدوديات، أو الأشياء التي نعرف كيف نفعلها بشكل أفضل أو الأشياء التي نكافح معها أو لا نستطيع فعلها أبدًا: "ليس هذا هو ما يحدد سعادتنا: وإنما الحب الذي نضعه في أي شيء نقوم به، ونعطيه ونناله". وأضاف: "علينا أن نعطي الحب على الدوام، ونقبل بأذرع مفتوحة الحب الذي نتلقاه من الأشخاص الذين يحبوننا: هذا هو أجمل وأهم شيء في حياتنا، في أي حال ولأي شخص... حتى للبابا! هل تعلمون؟ إنَّ فرحنا لا يعتمد على أي شيء آخر: فرحنا يعتمد فقط على الحب!
والحب هو أيضًا الوصفة "لكي نجعل عالمنا أكثر جمالًا وسعادة"، أكد البابا فرنسيس، مجيبًا على السؤال الثاني. "علينا أن نحب الله والآخرين من كل قلبنا! وأن نحاول أن نتعلم - حتى في المدرسة - كل ما يمكننا، وبأفضل طريقة ممكنة، وأن ندرس ونلتزم إلى أقصى حد في كل فرصة تتاح لنا لكي ننمو ونحسِّن ونصقل مواهبنا وقدراتنا". إنَّ الأمر أشبه بالاستعداد للقيام بقفزة كبيرة: "أولاً عليك أن تركّز وتوجّه كل قوتك وعضلاتك في الاتجاه الصحيح..." وكذلك نحن أيضًا: علينا أن نركز كل قوتنا على الهدف، الذي هو محبة يسوع وفيه المحبة لجميع الإخوة والأخوات الذين نلتقي بهم في طريقنا، ومن ثم أن نملأ بالاندفاع والحماس كل شيء وكل شخص بعاطفتنا!".
وبهذا المعنى، "لا أحد منا يشكل عبئًا، بل نحن جميعًا عطايا جميلة من الله، وكنز لبعضنا البعض!"، خلص البابا فرنسيس إلى القول وأضاف: "حافظوا دائمًا على هذا النور مشتعلًا، والذي هو علامة رجاء ليس لكم فقط، وإنما لكل شخص تلتقون به، ولعالمنا أيضًا، الذي قد يكون أحيانًا أنانيًا جدًّا وقلقًا بشأن أشياء لا تهم. حافظوا دائمًا على نور الحب مشتعلًا!".