أيمن زكى
في مثل هذا اليوم استشهد القديس اندريانوس احد قواد جند الملك وليس عجيبًا أن يتأثر أدريان أو أدريانوس بالشهداء المسيحيين فيتحول من اضطهاده لهم إلى الاشتياق للاستشهاد معهم وإنما ما هو أعجب دور زوجته ناتاليا التي كانت بفرح تسنده حتى ينعم الاثنان بالإكليل.
و حدث انه لما جاء مكسيميانوس إلى نيقوميديا ليشرف بنفسه على تعذيب المسيحيين فيها، فكان يتوعد بالموت كل وثني لا يخبره بأسماء المتنصرين، فكانت المدينة في حالة مرة من الضيق.
حيث سلم الأصدقاء أصدقاءهم والأقرباء أقرباءهم للموت. وكان أدريانوس أقسى أعداء المسيحيين يُمتع نظره بعذاباتهم، لكن صبرهم وفرحهم أثناء الضيق هزّ أعماق نفسه الداخلية.
فصار يسأل المعترفين أثناء تعذيبهم عن سرّ الرجاء الذي فيهم حتى تأثر بهم، وخرج من المحفل ليكتب اسمه في سجل المسيحيين الذين يُقدَمون للاستشهاد.
و إذ بلغ الخبر الملك مكسيميانوس شريك دقلديانوس لم يصدق ذلك، لذا استدعاه ليقول له: "أصحيح أنك جننت مثل المسيحيين حتى أنك تريد أن تموت تحت العذاب الأليم؟"
فأجاب أدريانوس: "لست بمجنون إنما كنت في جهل وغباوة حين كنت أعبد الأوثان، والآن انكشف عن عيني حجاب الجهل واستنرت بضياء الحكمة لأعبد السيد المسيح الإله الحق".
فأمر مكسيميانوس بإلقاء أدريان في السجن مع بقية المسجونين، وكان عمره في ذلك الوقت حوالي 28عامًا.
و لما سمعت زوجته ناتاليا أو أناطوليا بالخبر فانطلقت بفرح إلى السجن لتخر أمامه عند قدميه وتقّبل القيود، وهي تقول: "حقًا إنك لسعيد إذ ربحت سيدنا يسوع المسيح، وبه ربحت كل الخيرات... إياك أن يتغير عزمك المقدس، فتخسر المواعيد المقدسة الإلهية"، ثم التفتت إلى بقية المعترفين وسألتهم أن يسندوا رجلها بنصائحهم وصلواتهم. وسألها أدريانوس أن ترجع بيتها، قائلًا لها أنه سيستدعيها عندما يأتي وقت رحيله.
و بعد أيام قليلة إذ أدرك أدريانوس أن وقت رحيله قد أزف، دفع للجند مالًا لكي يضمنه أحدهم، ويتحدث مع زوجته ويرجع سريعًا. وفي الطريق إذ رآه صديق أسرع ليخبر زوجته فحزنت جدًا، إذ ظنت أنه خار وأنكر مسيحه، لذا أغلقت الباب ووبخته وهي في الداخل. أما هو فقال لها: "افتحي الباب يا أختي ناتاليا، فلست هاربًا من الاستشهاد كما تظنين، لكنني أتيت لآخذك معي..." وإذ تأكدت من صدق كلامه فتحت له الباب وهنأته على ما سيناله من مجد.
وانطلق الاثنان إلى السجن، وفي الطريق سألها أدريانوس: "ماذا فعلتي يا أختي بأموالنا؟" أجابته القديسة ناتاليا: "أسألك ألا تدع ذهنك يفكر في أمر زمني، لئلا يصرفك هذا عن قصدك الحميد، إنما لتكن كل أفكارك في الخير الأبدي المعد لك في الملكوت".
وأُحضر أدريانوس أمام مكسيميانوس أكثر من مرة ليجلده بالسياط، وكانت زوجته تشجعه. أمر الملك بتقطيع أطراف جميع المسجونين وإذ خشيت ناتاليا لئلا ينهار رجلها حين يرى الآخرين وقد بُترت أعضائهم توسلت للجندي أن يبدأ برجلها، وأمسكت بقدميه ليبترهما، ثم سألت رجلها أن يمد ذراعيه بنفسه فبترهما... وأسلم الروح.
فأمر الملك بحرق كل الأجساد حتى لا يكرمهم المسيحيون، فحدثت زلزلة هرب على أثرها الجميع ماعدا ناتاليا وبعض النسوة الفاضلات اللواتي أخذن الأجساد، وقد نقلت إلى ارجيروبوليس عند بوسفورس بالقرب من بيزنطة حيث دفنت هناك.
و بعد شهور قليلة تعرضت ناتاليا لمتاعب كثيرة من أحد موظفي البلاط بنيقوميديا إذ كان يطلب الزواج منها، وقد رفضت بإصرار.
أخيرًا رحلت إلى أرجيروبوليس حيث رقدت هناك بسلام ودفنت مع الشهداء.
يحتفل اللاتين بعيد أدريان وناتاليا في 8 سبتمبر كعيد لنقل رفاتهما إلى روما، ويحددوا يوم 4 مارس كيوم استشهاد أدريان وأول ديسمبر عيد نياحة ناتاليا.
بركه صلاته تكون معنا كلنا آمين...
و لآلهنا المجد دائما أبديا آمين...