كمال زاخر
الاثنين ٩ سبتمبر ٢٠٢٤
الوطن الدولة الشباب، لا غنى لاحدهم عن الآخر، والشباب عنوان حياة الوطن وعنفوان الدولة، وبغيره يشيخ الوطن وتتقزم الدولة، والشباب المبدع، واشرف عمر احدهم، اكثر التصاقا بوطنه ودعما لدولته، بقلمه وريشته وابداعه، وعندما يغرد منبها ومعارضا فقلبه وعقله يمسك بريشته فى حب الوطن.
ونحن الكهول عبرنا وعبّرنا ربما بغضب اكثر عقب نكسة ٦٧، وبعد سنة الضباب، وخرجنا من رحاب الجامعة الى براح الشارع، وكان الوطن ينزف الماً وانكساراً، وكان الشعار لا صوت يعلو على صوت المعركة، ولكن صوت الشباب، ارتفع لحساب الوطن، ومنهم خرجت طليعة قادت الشارع السياسى ورسمت خطوطه لعقود، وصارت شخوصهم ايقونات وطنية، ومازلنا نفخر بهم.
مصر الوطن أم ولودة، تجدد مثل النسر شبابها، وتلد بنيناً وبناتاً، يأخذون بيدها ويتقدمون بها، علما وفنا وادبا، يعيشون زهوها ويتحملون انكساراتها، ويدركون قدر الاستهدافات المتربصة بها.
كل زعماء الأمة المصرية ادركوا ان شبابها عمودها الفِقَرى، وسر بقاءها، وعالجوا اختلالات العلاقة معهم، وتحملوا غضبهم المشروع وحولوه الى طاقات تدعم مسيرة الوطن، كانت الأبوة تسبق السلطة، وتفهموا طبيعة المرحلة الشبابية وانفعالاتها وابداعاتها حتى لو جاءت صارخة متمردة.
لعلنا مازلنا نذكر المبدع صلاح چاهين، المعجون بثورة يوليو٥٢ والذى انكسر بانكسارها، كم حملت لقطاته المبدعة فى كاريكاتيره الذى ينشره بجريدة الأهرام - صوت ناصر - من انتقادات لاذعة لقرار هنا وتصرف هناك، لرموز الحكم، بل ولتنظيمه الأوحد الاتحاد الاشتراكى، ومنظمة الشباب والتنظيم الطليعى؛ وكان عبد الناصر جدار حمايته فى مواجهة من يرون انه يسئ له.
ولعل اغنية المسئولية التى غناها مغنى الثورة عبد الحليم حافظ تشى بهذا.. فى مطلعها يقول چاهين مخاطبا عضو اللجنة الأساسية فى الاتحاد الاشتراكى:
أديك آهه خدت العضوية ...
وصبحت فى اللجنة الأساسية
أبو زيد زمانك وحصانك ...
الكلمه والخدمة الوطنية
هلا هالله هلا هالله ألف ما شاء الله
ورينا يللا حتعمل إيه ....
دى مسئولية دى مسئولية
ويمكن ان نفهم ما ذهب اليه چاهين وحمّل به كلماته عندما نعرف ان عضو اللجنة الأساسية هذا هو فى قاعدة التنظيم، ليس له نفوذ أو صلاحيات تمكنه من اصدار قرارات تنظيمية أو سياسية وأمامه مشوار طويل فى التدرج ليصل الى لجنة المدينة ثم المحافظة ثم اللجنة العليا ثم اللجنة المركزية الحاكمة للتنظيم، وواقعيا لن يصل اليها، فاذا بچاهين يخاطبه بأنه "ابو زيد زمانه" ذلك الفارس الأسطورى!!.
ونذكر له تهكمه على منظمة الشباب وشعاراتها وضجيجها، رغم انه التنظيم المدعوم من الرئاسة.
فن الكاريكاتير احد وسائل النقد الاجتماعى والسياسى يختزل مئات الكلمات فى حيز الصورة المرسومة بكلمات موجزة ربما تكون لاذعة أو صاخبة أو ساخطة، لكنها تحمل رسالة فى كل الأحوال. وتلفت النظر لأزمة أو مشكلة أو أنين يستوجب الالتفات والمعالجة أو التفسير.
فى واقعنا المعاش نرى حرص الرئيس السيسى على دفع الشباب الواعد للمشاركة فى الشأن العام، ويدفع بهم الى صدارة السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، فى مقاعد النواب وفى مواقع نواب الوزراء والمحافظين، ويمثلون كتلة فاعلة فى الحوار الوطنى. ايمانا منه انهم نصف الحاضر ويزيد وكل المستقبل.
ولهذا اداوم على المطالبة بتفعيل المصالحة مع الشباب ممن يحملون رؤى ناقدة لبعض الأمور القابلة للاختلاف فى الاطار الوطنى، وهى مبادرة يملك الرئيس مقوماتها وارادتها.
ننتظر عفوا رئاسياً عن الفنان أشرف عمر ومن فى حكمه ليعود قيمة مضافة ترسخ الوحدة والتكامل الجيلى دعما لوطن واحد عفى وقوى.