ياسر أيوب
لم يكن الناس فى دولة سان مارينو يحتاجون للفوز بكأس العالم أو أمم أوروبا ليمارسوا كل هذه الفرحة الجميلة بجنونها وتلقائيتها بعد فوز منتخبهم على ليشنشتاين.. ففى يوم الخميس الماضى وفى إطار دورى الأمم الأوروبية.. فازت سان مارينو على ليشنشتاين بهدف وحيد أحرزه نيكو سينسولى فى الشوط الثانى.. وكان هذا هو أول انتصار كروى رسمى لدولة تلعب كرة القدم منذ ١٩٣١ دون أن تفوز بأى مباراة.. ولهذا كانت هذه الفرحة الاستثنائية للناس فى سان مارينو.. الدولة التى تأسست سنة ٣٠١، والتى تملك أقدم دستور فى العالم، ولا تزيد مساحتها على ٦١ كيلومترًا مربعًا، ويسكنها ٣٣ ألف شخص.. وهى خامس أصغر دولة فى العالم، ورغم ذلك تملك اقتصادًا قويًّا ومستقرًّا، وليست عليها أى ديون، وهى إحدى دولتين فقط فى العالم مع أندورا يزيد فيهما عدد السيارات على عدد السكان..
وتقع سان مارينو كلها داخل إيطاليا، ولا تملك مطارًا خاصًّا بها، لكنها تستخدم مطار مدينة ريمينى الإيطالية.. وتم السماح لها باستخدام اليورو عملة رسمية رغم أنها ليست عضوًا فى الاتحاد الأوروبى.. ولم يعترف بها الاتحاد الأوروبى وفيفا إلا ١٩٩٠، وقبل وبعد ذلك ظلت سان مارينو تلعب ولا تفوز.. وإذا كانت بلدان كثيرة فى العالم كتبت أسماءها فى تاريخ كرة القدم بعدد بطولاتها وانتصارات أنديتها ونجومها.. فإن سان مارينو، التى تحتل دائمًا المركز الأخير فى تصنيف فيفا، دخلت تاريخ كرة القدم باعتبارها صاحبة أوفى جمهور كروى فى العالم.. جمهور يقف خلف منتخبه منذ سنين ويشجعه مباراة بعد أخرى بأمل فوز لم يأتِ أبدًا، ورغم ذلك بقى نفس الحب ونفس الانتماء لبلد ومنتخب حتى إن لم يفز إلا بمباراة ودية منذ عشرين عامًا أيضًا على ليشنشتاين.. وكان الهدف الذى أحرزه سينسولى يوم الخميس الماضى هو الهدف رقم ٢٩ فى تاريخ سان مارينو مقابل أكثر من ٨٠٠ هدف فى مرماها.. وأصبح أخيرًا من حق هذا الجمهور الوفى أن يحتفل بانتصاره الرسمى الأول بعد سلسلة طويلة وقاسية من الهزائم الكروية..
فقد خسروا فى أولى مبارياتهم بتصفيات المونديال بعشرة أهداف أمام النرويج وبأربعة أهداف أمام سويسرا فى أولى مبارياتهم فى تصفيات أمم أوروبا.. وأقسى هزيمة لهم كانت على أرضهم حين خسروا أمام ألمانيا فى ٢٠٠٦ بثلاثة عشر هدفًا.. وسخر أهل سان مارينو بعدها من الألمان، الذين اختلط عليهم الأمر وتخيلوا أنهم يواجهون إيطاليا، التى فازت تلك السنة بالمونديال الذى استضافته ألمانيا.. ورغم أن سان مارينو تعيش وتسكن داخل إيطاليا، التى هى إحدى القوى الكروية الكبرى فى العالم، فإنها أفشل دولة كروية فى التاريخ.
نقلا عن المصرى اليوم