أظهرت الدراسات التي أجريت على الأشخاص الذين يمكنهم تذكر كميات هائلة من المعلومات، أنه على الرغم من أن العوامل الوراثية مسؤولة عن قدر كبير من الاختلافات بيننا في كوننا أفضل أو أسوأ في تذكر البيانات، فإن الناس يمكن أن يطوروا قدرة استثنائية على التذكر باستخدام الاستراتيجيات التي مارسوها على مدى فترات طويلة من الزمن.
وتعتمد أكثر التقنيات المستخدمة شيوعًا، والمعروفة باسم الأساليب المساعدة على التذكر، على إنشاء صور ذهنية أو استراتيجيات لفظية تتطلب عادةً قدرًا كبيرًا من التدريب، وفقا لموقع «studyfinds».
وتتمثل أساليب التصور في ربط العناصر التي يتعين تذكرها بأماكن محددة. على سبيل المثال، يمكنك حفظ قائمة تسوق من خلال تتبع طريقك إلى العمل ذهنياً وترك العناصر المدرجة في القائمة في أماكن مختلفة على طول الطريق. وعندما تريد تذكرها، فلن يتعين عليك سوى تتبع الطريق ذهنياً.
تُستخدم هذه الطريقة عادةً من قبل خبراء الذاكرة، وتُظهر بيانات التصوير العصبي أنه أثناء مهام الحفظ، يكون لدى خبراء الذاكرة نشاط أكبر في مناطق الدماغ المسؤولة عن معالجة البيئات المكانية.
تشير الأبحاث التي أجريت على خبراء الذاكرة إلى أنه إذا تمكن شخص ما من تدريب استراتيجيات الذاكرة على تذكر 67890 رقمًا من الرقم ط، فيمكن أيضًا استخدامه لتعزيز التعلم في المدارس. ومع ذلك، في حين ثبت أن تقنيات التذكر المكانية أو اللفظية فعالة، فإن استخدامها الفعلي في الحياة اليومية محدود.
وفي المدرسة، يعني هذا أنه يمكن استخدامها لتعلم القوائم مثل الكواكب أو العناصر الكيميائية ولكن ليس للمواد أو المعلومات الأكثر تعقيدًا.
وبسبب هذه القيود في السياقات المدرسية، فمن الجدير النظر في طرق أخرى لتحسين الذاكرة. ويمكن أن نفعل ذلك من خلال التركيز على العناصر المشاركة في عمليات الذاكرة نفسها وتطبيق نفس المبادئ كاستراتيجيات تقوية الذاكرة.
يبدأ إنشاء الذاكرة عندما يتم إدراك المعلومات لأول مرة وتصنيفها وتشفيرها في المخ. والعامل الأكثر أهمية في تعلم معلومات جديدة ليس النية أو الرغبة في التعلم بل ما يتم فعله بالمعلومات.
إن معالجة المعلومات بعمق من خلال ربطها بالمعرفة الموجودة هي المفتاح لتسهيل حفظها، فمن الأكثر فعالية ربط المعلومات بأشياء نعرفها بالفعل بدلاً من مجرد ترديد شيء ما عقليًا حتى يلتصق في ذهننا.
ومن ثم، فمن الضروري أن ننشئ شبكات غنية من المعرفة التي يمكننا من خلالها دمج وتنظيم المعرفة الجديدة. ويطلق الباحثون على هذه العملية اسم «الترميز الدلالي».
يقول الباحثان كلوديا بوتش و خورخي جونزاليس: «إن عملية استرجاع الذكريات مهمة بقدر أهمية عملية ترميزها. ففي كثير من الأحيان، نعرف شيئًا ما ولكننا لا نستطيع الوصول إليه، كما هو الحال عندما يكون اسم شخص ما على طرف لسانك ولكنك لا تستطيع تذكره».
وأكمل الباحثان: «ولكي يكون تدريب الذاكرة فعالاً، يتعين علينا تخزين المفاتيح التي سنستخدمها للوصول إلى المعلومات مع المعلومات نفسها. والممارسة المتكررة ضرورية لكي تتم عملية الحفظ بكفاءة وسرعة أكبر».
في المدارس، لا تتمثل الطريقة الأكثر فعالية في تعليم تقنيات الحفظ فحسب، بل في مساعدة الطلاب على تعلم كيفية عمل ذاكرتهم.
وكقاعدة عامة، كلما زادت المعرفة التي يمتلكونها وكلما طالت مدة ممارستهم لاستراتيجيات الحفظ الفعّالة، كلما كان من الأسهل عليهم اكتساب المعرفة الجديدة.
ومن الضروري أيضًا تعليم الطلاب استراتيجيات الدراسة الأكثر فعالية لأنواع مختلفة من المحتوى والتقييم والتركيز على تطبيقها بمرونة.