ياسر أيوب

لم أكن من الكثيرين الذين أعجبهم حديث يورجن كلوب عن كرة القدم، بعد اعتزاله التدريب عقب انتهاء مشواره مع ليفربول.. وتأكيده أن كرة القدم مجرد لعبة يستمتع بها الناس فى نهاية الأسبوع، لكنها لن تُوقف حروبًا، ولن تساعد فقراء أو لاجئين.. وأنه وغيره من أهل الكرة يتلقون أموالًا طائلة فقط لمساعدة الناس على نسيان همومهم طيلة ٩٠ دقيقة..

ومع كل الاحترام لمَن أعجبهم هذا الكلام ولصاحب الكلام، الذى لم يقل ذلك إلا بعد أن اعتزل وابتعد عن كل ذلك.. أملك دلائل وحقائق كثيرة تؤكد أنه مجرد كلام ليست له علاقة بواقع وحياة الناس، وحكايات عن كرة القدم، التى هى أعمق وأهم وأجمل من أن تكون مجرد لعبة، وما قدمته لفقراء كثيرين، وكيف غيرت حياة ومستقبل لاجئين.

لكننى سأكتفى بالتوقف أمام مباراة اليابان والصين، التى أُقيمت منذ أيام ضمن تصفيات آسيا لمونديال ٢٠٢٦..

فهذه المباراة بتفاصيلها هى أجمل وأبلغ رد على ما قاله يورجن كلوب.. فاليابان فازت على الصين بسبعة أهداف.. ولأن كرة القدم ليست مجرد لعبة..

اعتبر الصينيون يوم المباراة أحد أقسى أيام تاريخهم وبلدهم وأكثرها حزنًا وألمًا.. وكتب ٤٦٠ مليون صينى عبر «إكس» يحاولون التعبير عما يشعرون به من ألم ومرارة..

أى قرابة نصف مليار إنسان لم يروا أنها مجرد لعبة خسروا إحدى مبارياتها.. اليابانيون أيضًا كانت فرحتهم الطاغية دليلًا على أنهم لم يفوزوا فى مباراة، إنما انتصروا على دولة يتعاملون معها بمنتهى الحساسية والتوتر.. كما أن دوام الغضب الصينى والفرحة اليابانية المستمرة حتى الآن دليل آخر على أنها ليست مجرد ٩٠ دقيقة..

 

ولابد من التوقف أمام ما جرى قبل هذه المباراة بستة أيام فقط حين انفجر الصينيون غضبًا بعد التهديد اليابانى بفرض قيود إضافية على بيع وصيانة مُعَدات تصنيع الرقائق الإلكترونية للصين..

ثم انفجر اليابانيون أيضًا غضبًا بعد التهديد الصينى فى نفس اليوم بوقف تصدير المعادن اللازمة والضرورية لصناعة السيارات اليابانية.. ولم يلقَ التهديد الصينى واليابانى فى البلدين نفس الاهتمام الذى كان لمباراة كرة القدم بين البلدين بعد أيام قليلة..

ولست هنا أناقش هل كان صوابًا أم خطأً أن يكون الاهتمام بكرة القدم فى الصين واليابان أكبر من الاهتمام بصناعة الإلكترونيات الصينية والسيارات اليابانية.. لكنه مجرد مشهد يعكس أهمية كرة القدم، التى أؤكد من جديد أنها لم تعد مجرد لعبة سواء فى الصين واليابان أو أى بلد آخر فى العالم سواء كان غنيًّا أو فقيرًا وقادرًا أو عاجزًا.. ولست مع المبالغة فى حجم كرة القدم، لكننى أيضًا ضد التقليل من شأنها.

نقلا عن المصرى اليوم