رفعت يونان عزيز
"بِهَا يُبَارِكُ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلًا: «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ..." (إش 19: 25).
في الاحتفال بعيد النيروز .. ذكري الشهداء الذي يبدأ فيه العام القبطي للشهداء 1741ش يوم 1 من شهر توت الذي يوافق هذا العام 11 سبتمبر للعام 2024 ميلادية ويستمر حتى عيد الصليب الذي يوافق يوم 27 سبتمبر لتستمر الصلوات والقداسات..
تهنئة قلبية خالصة الكنيسة المصرية القبطية الأرثوذكسية وشعب مصر وشعوب العالم وكل عام والجميع بخير وسلام .
الاحتفال بعيد النيروز .. ذكري الشهداء يجب أن لا يغيب عنا علاقة المصري الأصيل بانتمائه وولائه لوطنه الغالي لأنه أبن أم الدنيا مصر . مصر الحضارة ولد علي أرضها تغذي من خيرات ثمارها وشرب من نيلها فتكونت جيناته من طميها وماء نيلها , فيها الحكمة المشهود بها عالمياً موسى النبي قد ارتوى من مناهِل علومها؛ فقد شهد الكتاب المقدس عنه، قائلًا: "أنه تهذب بكل حِكمة المصريين" (أع 7: 22)، نظرًا لتربيته في بيت فرعون.
++ اللغة القبطية هي اللغة التي كان يتكلم بها المصري القديم. أيام كان أهلها يحكمون أنفسهم دون تدخل لأجنبي فيما بينهم . كانت لغة الجميع بمختلف مناصبهم.
**نبذه عن لفظ النيروز :-
كلمة نيروز هي من الكلمة المصرية القبطية (نيوس رومپى) (nyos rompe ) تعني السنة الجديدة . (نيوس تعني جديد . رومپى يعنى سنه . تحورت الكلمة لنيروز أو من الكلمة المصرية القبطية (نى اييرو) فهي = الأنهار (ni eiero (نى = للجمع . اييرو = نهر). أتحورت الكلمة لنيروز. أما عن "ال نوروز أو النيروز الفارسي فمعناها النهار الجديد (نو = جديد , روز = يوم) وهو عيد الربيع عند الفرس وميعاده في مارس خلاف ميعاد النيروز القبطي المصري) في سبتمبر فالأقباط المصريين لم يأخذوه عن الفرس لأنه ثابت من الأثار والكتابات الفرعونية أن المصريين القدماء يحتفلون بعيد النيروز من أيام الفراعنة قبل غيرهم .
** أسماء وتقسيم الأشهر القبطية :- سمى المصريون شهورهم بأسماء معبوداتهم وقسموها إلى ثلاثة فصول كما نراه بالجدول الآتي :
(توت - بابة - هاتور – كيهك - طوبة - أمشير - برمهات - برمودة - بشنس - بؤونة - أبيب - مسرى، وهذه الأشهر عرفها التقويم القبطي . وتقسم لمواسم :- (1) زمن الفيضان (( توت - بأبة - هاتور – كيهك )) (2) فصل الزراعة ((طوبة - أمشير - برمهات – برمودة )) (3) فصل الحصاد ((بشنس - بؤونة - أبيب – مسرى ) (4) فرصة أعياد ومهرجانات (( الشهر الصغير (النسيء) ))
** نبذة عن تسمية شهر توت :-
شهر (توت) نسبه إلى العلامة الفلكي الأول الذي وضع التقويم المصري القديم الذي انفرد به المصريين فترة طويلة من الزمن قبل أي تقويم آخر عرفه العالم بعد ذلك شرقا وغربًا. وتقديرًا من المصريين القدماء لهذا العلامة رفعوه إلى مصاف الآلهة، وصار (توت) هو اله القلم والحكمة والمعرفة. فهو الذي اخترع الأحرف الهيروغليفية التي بدأت بها الحضارة المصرية لذلك وخلدوا اسمه علي أول شهور السنة المصرية والقبطية. وهو إنسان مصري نابغة ولد في قرية منتوت التي ما تزال موجودة وتتبع مركز أبو قرقاص محافظة المنيا بصعيد مصر بنفس اسمها القديم. ومن توت كلمة قبطية معناها مكان توت وموطن توت. كانت نشأة التقويم المصري القبطي في سنة 4241 قبل الميلاد أي في القرن الثالث والأربعين قبل الميلاد عندما رصد المصريون القدماء نجم الشعرة اليمانية وحسبوا الفترة بين ظهوره مرتين وقسموها إلى ثلاث فصول كبيرة (الفيضان والبِذَار والحصاد) ثم إلى أثني عشر شهر كل شهر منها ثلاثون يوما وأضافوا المدة الباقية وهي خمسة أيام وربع وجعلوها شهر أسموه بالشهر الصغير وسارت السنة القبطية 365 يومًا في السنة البسيطة و366 يوما في السنة الكبيسة. وقد احترم الفلاح المصري هذا التقويم نظرًا لمطابقته..
** شهر توت والاحتفال بعيد النيروز ... وذكري الشهداء الأقباط المسيحيين :-
عيد النيروز عند الأقباط :-
الإمبراطور دقلديانوس
مع عصر الإمبراطور دقلديانوس الذي كان أقسى عصور الاضطهاد ضد المسيحيين أيام الرومان - احتفظ المصريين بمواقيت و شهور السنين التي كان يعتمد عليها الفلاح في الزراعة مع تغيير عدد السنين لتواكب عيد الشهداء الأقباط المسيحيين أي جعلوا السنة الأولي لحكم دقلديانوس 284 ميلادية هي سنة 1 قبطية وهي تساوي 4525 توتية " فرعونية " وبهذا ارتبط النيروز عيد الشهداء وفي هذا العيد كان الأقباط يخرجوا للأماكن التي دفنوا وخبوا فيها الشهداء ليذكرهم ويعملوا لهم تمجيد ونحن مازلنا نحتفل به وهو أقدم عيد لأقدم أمة .
عيد النيروز فى عصر المماليك :-
يذكر المقريزي الذي عاش في عصر المماليك مظاهر الاحتفال بعيد النيروز ورأس السنه المصرية بالعصور الوسطي أنه واحد من الاحتفالات الكبيرة التي يحتفل بها المصريين كلهم مسيحيين ومسلمين . كما كانت الدولة العصر الفاطمي تحتفل علي المستوي الرسمي به بتوزيع الهدايا والعطايا مع الاحتفالات الشعبية بصورة رائعة " كرنفال شعبي يخرج الناس للنيل والترع والجناين والحقول ويرشوا بعض بالماء وينصبوا وأحد منهم أمير النيروز يمشي بموكبه في الشوارع والحارات .
** نبذة عن الشهداء المسيحيين :-
عندما نتحدث عن الشهداء يجب التيقن تماماً أن كنيستنا القبطية المصرية نمت فيها بذرة الإيمان المسيحي بالمصريين لأن أرضها مباركه لذا فهي خصبة نمت البذرة الإيمانية لأن شهداء الإيمان رووها بدمائهم الذكية علي مر العصور ومازال دم الشهداء يروي أرضها وترعرعت وأصبحت شجرة قوية وعفية وفي صحاريها سكن الرهبان والسواح فزادوها صلابة وصخرة الإيمان . دم الشهداء سال بكل مكان علي أرض مصر فجعلت نسر شجرة المسيحية يملأ كل مكان ويخرج منها أشجار ثمارها كل يأكل منها من خلال الكتاب المقدس والنظر سير الشهداء والقديسين حتى الآن فيعرف ويؤمن بأن الخلاص والفداء أتي من قبل الرب يسوع المسيح له المجد . عدد الشهداء المسيحيين فاقت شهداء الحروب فكل حرف من الحروف الأبجدية تجد ألوف وألوف بكل عصر فكم وكم تكون تلك الأعداد وكمية الدماء التي سفكت من أجل الإيمان صنعت انهار وانهار ولم تجف بعد . هذا لقوة وعظمة المحبة عملا بقول السيد المسيح (أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم) .
أول اضطهاد تعرضت له المسيحية كان من اليهودية إذ ولدت المسيحية في وسط المجتمع اليهودي، ورفض اليهود السيد المسيح وصلبوه، واضطهدوا أتباعه بالقتل والتعذيب أو بالوشاية وإثارة الجماهير أو بالمقاومة الفكرية..
** فئات من شهداء المسيحية من حيث دافع الاستشهاد:-
1 شهداء من أجل ثباتهم علي الإيمان: وغالبية الشهداء تنتمي إلي هذه الفئة. 2. شهداء من أجل المحافظة علي العفة والطهارة 3. شهداء تمسكوا بالعقيدة حتى الموت. تنوعت طرق وأشكال العذبات لهم .
** الفئات حسب المكانة الذين استشهدوا :- شهداء ملوك وأمراء , النبلاء والولاة والضباط والجنود في الجيش الروماني و أساقفة وقسوس وشمامسة ورهبان وراهبات وأطفال صبيان وفتيات وأمهات وشباب أراخنة وفلاحين وعبيد وإماء وفلاسفة وعلماء سحرة وكهنة الأوثان أفراد وجماعات.
**الاستشهاد في المسيحية؟ صدق الإيمان القوي بالمسيح فبه انتصر علي الأعداء بالقوة الأدبية الروحية وحدها وليس بقوة المادة والحروب والمعارك والقتل هكذا كان الاستشهاد شهوة لربح الحياة الأبدية .
** مكانة الشهداء في الكنيسة :- تستشفع بهم عقيدة إيمانية إنجيلية تمارسها الكنيسة الجامعة من البداية، وفي طقس الكنيسة تذكرهم الكنيسة في التسبحة و السنكسار والدفنار وفي تحليل الكهنة في صلاة نصف الليل وفي صلاة رفع بخور عشية وباكر وفي القداس، وتحتفظ الكنيسة برفات الشهداء وتضع أيقوناتها تحتفل بتذكار استشهادهم سنويًا.
** تناول البلح والجوافة في عيد النيروز:- جزء من طقوس الاحتفال، حيث يحمل كل منهما رموزاً دينية وتاريخية عميقة. البلح الأحمر يُعتبر رمزاً لدماء الشهداء الذين سقطوا من أجل إيمانهم، ويعكس اللون الأحمر للبلح تذكيراً بتضحياتهم. أما قلب البلح الأبيض فيرمز إلى نقاء قلوبهم، والنواة الصلبة تمثل إيمانهم الثابت. أما الجوافة، فتُعبر عن تكريم الشهداء أيضاً، حيث يُشير قلب الجوافة الأبيض إلى نقاء روح الشهداء، بينما تعكس بذورها العديدة عدد الشهداء الذين تحملوا المعاناة من أجل العقيدة.
رفعت يونان عزيز
المقال مأخوذ تاريخياً من خلال كتابات نيافة الحبر الجليل الانبا غريغوريوس اسقف البحث العلمى .. , والأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح