عصام شيحة
تلقيت مؤخرا عدة رسائل من القراء الأعزاء حول الأحزاب السياسية وكبار رجال الدولة، وجاءت التساؤلات كلها حول ماذا تعنى برجال الدولة والأحزاب؟. فى الحقيقة أن الأمر يتعلق بقضية بالغة الأهمية، وهى أن قادة الأحزاب السياسية فى مصر لابد أن يكونوا على قدر كبير من المسؤولية. بمعنى أن يكونوا رجال دولة، ومهيأين تماما للسلطة، طبقا لتفعيل نص المادة الخامسة من الدستور التى تقضى بأن تداول السلطة يتم من خلال الأحزاب السياسية. فإذا لم يكن رجال الأحزاب رجال دولة فلن تستطيع أداء دورها.

وهنا يأتى السؤال الآخر بالغ الأهمية وهو: هل الأحزاب السياسية الكثيرة الموجودة حاليا على الساحة تصلح لأن تقود وتحكم؟. والإجابة قاطعة، وهى أن هذا لن يحدث بهذا الشكل ولابد من تحديثات وتغييرات جذرية صريحة داخل الأحزاب السياسية لأنها على حالتها الحالية لا يمكن أن تؤدى أى دور سياسى على الإطلاق. وكما قلت من قبل لو أن الأحزاب تقوم بأداء واجبها السياسى المنوط بها ما كانت الحاجة إلى الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إبريل عام ٢٠٢٢. وبالتالى لوجود قصور شديد فى أداء الأحزاب السياسية كان لابد من وجود هذا الحوار. إذن ما الحل؟.

والإجابة هى ضرورة أن تتغير الأحزاب، وأن يكون لها دور فاعل فى جميع الأنشطة على الساحة وفى أسرع وقت بدلا من حكايات الهرى وتحويل الأحزاب إلى ما يشبه النوادى الاجتماعية، التى يقال فيها ما لا يجب أن يحدث على الإطلاق. وبالتالى مصر فى الجمهورية الجديدة فى حاجة إلى رجال دولة لديهم القدرة الفائقة على تولى المسؤولية السياسية. وتكون بها الكوادر من خلال ما يشبه حكومات الظل الجاهزة لتولى الحكم. ومن المؤسف أن الأحزاب لا تستغل الإرادة السياسية الحقيقية الحالية فى إصلاح شؤونها. نعم لا يتم اقتناص هذه الفرصة لتفعيل دور الأحزاب السياسية ويظل العيب داخل الأحزاب التى تحولت إلى ساحات للخناقات والمهاترات، وفقدت أداء دورها الحقيقى. فعلى مدار السنوات الماضية وجدنا خلافات وانقسامات وكل ما شابه ذلك. وباتت الأحزاب لا تؤدى دورها المنوط بها فى تفعيل الحياة السياسية المصرية.

وعلى هذا الأساس لابد من إعادة النظر فى تشكيل الأحزاب السياسية، وأن تكون هناك ضوابط لأدائها طبقا للدستور والقانون. ولابد أن تتهيأ هذه الأحزاب من خلال فعاليات سياسية لأداء دورها السياسى وتجذب الشباب فى ظل أن مصر بها طاقات شبابية واسعة لا تتمتع بها أى دولة على الإطلاق. ومن هذا المنطلق لابد، وفى أسرع وقت، من ضرورة تغيير الهياكل داخل الأحزاب وإعادة دورها الفاعل فى الحياة بدلا من هذه الفوضى العارمة التى تسودها ولا أستثنى حزبا معينا من هذه الفوضى، فكلهم سواء على اختلاف درجات الفوضى، لكن الكل يصاحبه للأسف الشديد كارثة الفوضى. وبالتالى لم تعد هذه الأحزاب بهذا الوضع الحالى قادرة على أن تحكم. ولنا فى الماضى شاهد ودليل على ذلك، عندما حدث ما يشبه الفراغ السياسى بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ لم نجد حزبا قويا تلتف حوله الجماهير المصرية لأداء دوره. وكانت الطامة الكبرى أن وجدنا جماعة الإخوان الإرهابية هى من تعلو سدة الحكم لمدة ١٢ شهرا كانت وبالا على البلاد من كل جانب. وبالتالى آن الأوان لأن تتم إعادة النظر فى ملف الأحزاب السياسية برمته، وألا تتحول إلى أندية اجتماعية كما هو الحال.

ويبقى التساؤل المهم جدا: ألا توجد كوادر حزبية حقيقية لتقود الأحزاب المصرية بما يتوافق مع معطيات الجمهورية الجديدة؟ الإجابة: نعم هناك كوادر كثيرة، لكن مع الأسف الشديد أنها تركت الساحة تماما لأصحاب المنافع والمصالح الشخصية يتحكمون فى سير وحركة الأحزاب داخل مصر. وما الذى يجعل الكوادر تهرب؟. السبب الرئيسى فى ذلك أن هؤلاء القادرين على إحياء الأحزاب السياسية لا يستطيعون التعامل على الإطلاق مع حالات الفوضى العارمة ومع أصحاب المصالح الشخصية الذين لا هم لهم سوى حصد مقاعد المجالس النيابية. كل هؤلاء الذين ينضمون لهذه الفوضى داخل الأحزاب حاليا كل هدفهم هو تحقيق مصالح شخصية فقط ولا يهمهم من قريب أو بعيد الاهتمام بالأحزاب السياسية. وبالتالى تراجع كل أصحاب الرأى والفكر وكل أصحاب المواهب السياسية فى تفعيل أدوارهم داخل الأحزاب، وتلك كارثة حقيقية لا تحمد عقباها.

وللحديث بقية.
نقلا عن المصرى اليوم