الأب رفيق جريش
ربما فقد أغلبنا الأمل فى إنهاء الحرب فى غزة وتدميرها وتدمير البنية التحتية والفوقية لها مع تدمير الإنسان الغزاوى ومنعه من العيش البسيط، فلا أكل ولا شرب ولا طبابة بل أطلقت إسرائيل حرب إبادة ويبدو أن الطلب الذى تقدمت به عائلات المحتجزين الأمريكيين لدى حماس فى غزة إلى الرئيس الأمريكى جو بايدن بالوصول إلى اتفاق مع حماس لا يشمل إسرائيل- للإفراج عنهم، فالجميع يدرك الآن أن نتنياهو أصبح هو العقبة الأساسية أمام الوصول إلى هذا الاتفاق فهو يدرك تمامًا أنه ارتكب خطأ من البداية عندما حاول استغلال، أو بمعنى أدق، توظيف الحرب من أجل تحقيق أهدافه الخاصة، فى ظل الضغوط السياسية الداخلية التى كان وما زال يتعرض لها، حيث دفعه ذلك إلى رفع سقف توقعات الإسرائيليين من النتائج التى يمكن أن تنتهى إليها تلك الحرب أو بمعنى أدق غرر شعبه رغم أن كثيرين لم يصدقوه.

واللافت هنا أن نتنياهو يحاول عمدًا تحميل أطراف أخرى المسؤولية، ومنها مصر عما آلت إليه الحرب فى قطاع غزة خاصة فى ظل فشله فى تحقيق الأهداف التى أعلنها من البداية، والخاصة بالقضاء على حركة حماس والإفراج عن المحتجزين.

لا يبدو أن إسرائيل تستعد لمرحلة يمكن الوصول فيها إلى وقف لإطلاق النار فى قطاع غزة، بل على العكس من ذلك، فإنها تحضر نفسها، فى الغالب، لحرب طويلة وتصعيد أطول على جبهات إقليمية متعددة، منها اللبنانية مع حزب الله، فالتصريحات الأخيرة التى أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو توحى بأنه يسعى إلى عرقلة الجهود التى تبذل من أجل الوصول إلى هذا الاتفاق المأمول الذى سوف ينهى المعاناة الإنسانية التى يشهدها قطاع غزة منذ نحو اثنى عشر شهرا.

من هنا، يمكن تفسير أسباب الاحتجاجات والمظاهرات الواسعة التى تشهدها إسرائيل، وهى احتجاجات لا تنبع فقط من تأخر الإفراج عن المحتجزين، أو عدم اهتمام نتنياهو وائتلافه اليمينى المتطرف بهذا الملف من الأساس، وإنما من السياسة العامة التى يتبناها رئيس الوزراء وتدفع إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام إلى حافة الهاوية.

وثمة مؤشرات عديدة توحى بأن حالة الاستياء العامة من سياسة نتنياهو وائتلافه اليمينى لم تعد تقتصر على الدول التى تبذل جهودا حثيثة من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ولا الدول المعنية بالملف بشكل عام وإنما بدأت تمتد حتى إلى مستوى الرأى العام فى الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.

إن مصر لا ينالها من إسرائيل إلا الأكاذيب والشائعات ورغم قدرة مصر القوية وإرادة شعبها وجيشها إلا أن القيادة المصرية تتحلى بقدر كبير من ضبط النفس أكثر مما يستطيعه بشر وذلك لعدم توسيع رقعة الحروب فى منطقتنا والذى لن يدفع ثمنه إلا الإنسان وعلى حساب التنمية والبناء والتقدم والاستقرار.
نقلا عن المصرى اليوم