هاني لبيب
دائمًا ما تشهد الانتخابات الأمريكية اهتمامًا خاصًّا على مستوى العالم، كما تشهد مناظراتها بين المرشحين الرئاسيين حرص غالبية المحطات التليفزيونية على بثها لما تحققه من أكبر نسبة مشاهدة ومتابعة على مستوى العالم.. خاصة لو كان أحد المرشحين هو دونالد ترامب الذى يُعد الأكثر إثارة للجدل الآن عالميًّا قبل أن يكون أمريكيًّا.
بعد انتهاء المناظرة بين دونالد ترامب وكامالا هاريس بكل الأجواء المصاحبة لها بالتجهيز والاستعداد، وبتبرير بعض الإجابات وتفسيرها، وبمحاولة إثبات نجاح كل طرف وانتصاره على الطرف الثانى، نرصد بعض الملاحظات ذات الدلالة السياسية عن الانتخابات الأمريكية وحولها.
أولًا: استبق أتباع الطرفين دونالد ترامب، «المرشح الجمهورى»، وكامالا هاريس، «المرشحة الديمقراطية»، وحملاتهما الانتخابية الرأى العام بكل وسائلهما الإعلامية والإلكترونية، وحاول كل منهما توجيه الشارع الأمريكى من خلال ترسيخ صورة ذهنية بنجاح مرشحهم، بل تنافسوا فى إعلان ذلك.. فى محاولة كل طرف إحراج الطرف الآخر.
ثانيًا: بعيدًا عن كل محاولات التأثير، نجحت هاريس فى مناظرتها الأولى.. بسبب قوتها والتزامها بتوجيهات حزبها وحملتها بالابتعاد عن الصدام المباشر فى الحوار، والتركيز على الأفكار. بينما لم يسمع ترامب لتوجيهات حملته.. رغم خبرته فى المناظرات الرئاسية.. فارتجل كلماته واعتمد على الهجوم الشخصى على هاريس والاستهانة بها.. وكأنها هيلارى كلينتون التى فاز عليها قبل ذلك.
ثالثًا: ركز ترامب على اتهام بايدن والسخرية من سوء إدارته لملف الرعاية الصحية والملف الاقتصادى بشكل عام ونقده بعنف.. دون تقديم بديل عملى، بينما تحدثت هاريس بشكل واضح ومنظم عن رؤيتها للملف الاقتصادى وقضايا المناخ، وهو ما يعبر فى الأصل عن الحزب الديمقراطى وموقفه.
رابعًا: وجّه ترامب رسائل المغازلة لأتباع حزبه لتأكيد انحيازه التام لإسرائيل، ودعمها فى حرب غزة.. مشككًا فى موقف هاريس من دعم إسرائيل وكرهها لها. وفى الوقت نفسه، رفض استمرار الحرب فى أوكرانيا، وطالب بإنهائها والتفاوض حول ذلك. بينما قامت هاريس بالوقوف فى المساحة الآمنة بتأييد إسرائيل ورفض استمرار الحرب فى غزة، ومساندتها حل الدولتين.
خامسًا: استمر ترامب فى مغازلة التيارات المتشددة بالهجوم على المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما يجد تعاطفًا الآن فى الشارع الأمريكى بسبب زيادة العنف وتصاعد الأعباء الاقتصادية. بينما تعاطفت هاريس معهم لكسب تأييد الناخبين من المهاجرين المنتمين إلى أقليات دينية وإثنية وعرقية معها.
سادسًا: لا يمكن الوثوق فى استطلاعات الرأى العام الآن.. ليس فقط لأنه من المبكر الاعتماد عليها، ولكن أيضًا لأنه إلى الآن لم يعلن ترامب وهاريس عن برنامجيهما بالكامل اللذين يهمان الناخب الأمريكى بشكل واضح فيما يخص الرعاية الصحية، والاقتصاد، والناخب الأمريكى التابع لحزب كل منهما حول مكانة الولايات المتحدة الأمريكية فى العالم، والحروب.
سابعًا: أُذكر بما نشرته العديد من دراسات مراكز الأبحاث والتفكير الأمريكية من أهمية وصول سيدة إلى البيت الأبيض مثلما وصل قبل ذلك أوباما باعتباره من أصل إفريقى.. تأكيدًا لليبرالية الأمريكية وديمقراطيتها كنموذج يُقتدى به أمام العالم.
نقطة ومن أول السطر..
بعيدًا عن الانتخابات الأمريكية الحالية، وبعيدًا عن دونالد ترامب وكامالا هاريس، اللذين يُعتبران من أكثر الشخصيات الرئاسية المرشحة إثارة للجدل والانقسام.. مازلت أعتقد أن هناك حرصًا على إبراز الانتخابات بهذه الأهمية القصوى للمزيد من رسم صورة ذهنية للدولة العظمى.. ولا ينفى ذلك قطعًا استشراف مستقبل العلاقات الدولية حسب نتيجة الفوز بالانتخابات الرئاسية للجمهوريين أو للديمقراطيين. وإن كانا فى النهاية وجهين لعملة واحدة هى تحقيق مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية العظمى.
نقلا عن المصرى اليوم