ياسر أيوب
لا يشيخ الرجل مهما بلغ من العمر إلا حين تموت أمه.. ولا تشعر الابنة بالضعف وغياب السند مهما كانت قوتها ونجاحاتها إلا حين يموت أبوها.. ويبقى الحزن على رحيل الأب أو الأم حالة شديدة الخصوصية لا تستطيع وصفها الكلمات مهما صدقت وتعجز عن إنهائها الأيام مهما جرت.. صحيح تجف الدموع وتستمر الحياة لكن يبقى فى القلب ذلك الوجع الرقيق الذى لا يعرفه أو يعيشه إلا صاحبه.. ومن المزعج أن يتم اتهام دالما مارادونا بالمتاجرة بأبيها النجم الكبير والشهير الذى غيبه الموت منذ أربع سنوات.
وليست خطيئة أو جريمة أن تظل دالما حتى الآن تتحدث عن مارادونا.. وتأمل فى إعادة التحقيق من جديد بشأن شكوك جنائية فى وفاة أبيها.. وتطالب بنقل جثمانه إلى مقبرة أخرى ليتسنى لكل الناس زيارته.. وترد بمنتهى القوة على كل من ينتقد مارادونا سواء كان لاعبا أو صحفيا.. ولا أحد يستطيع أن يلومها إن ظلت حتى الآن ترفض أى مقارنة بين مارادونا وميسى.. وهى تخوض حاليا صراعا قضائيا مع ميسى حول ملكية العلامة التجارية إم ١٠ التى يرى ميسى أنه يملكها بينما ترفض دالما ذلك.. لا أحد أيضا يستطيع أن يلومها إن ظلت تؤكد أن موهبة مارادونا أكبر وأجمل من بيليه.
وخاضت بسبب ذلك حروبا كثيرة مع برازيليين تتهمهم دالما بتعمد تشويه صورة مارادونا وسيرته وتكرار الحديث عن أخطائه وليست موهبته ونجاحاته.. ومن حق دالما كأى ابنة ألا ترى أخطاء أبيها حتى لو كانت معروفة وظاهرة للجميع.. وكأى ابنة أيضا لا يمكن مناقشتها بموضوعية عن والدها.. وإذا كان كثيرون لا يزالون حتى الآن ينتقدون دالما التى أعلنت مؤخرا عن استعانتها بوسيط روحانى نجح فى أن يجعلها تجرى حوارا مع والدها الراحل.. وأنه خبرها فى هذا الحوار على حد تعبيرها عن تفاصيل موته وحكايات وأسرار أخرى كثيرة عن حياته.
وكان هؤلاء الكثيرون على حق فى انتقادهم لأنه لا أحد يستطيع الحديث مع الموتى.. صحيح أن هناك بنات وأبناء كثيرون غابت عنهم الأم أو الأب ولا يزالون يشكون لهما هموما وأحزانا وأزمات ويستعيدون أصوات الغائبين لكنه بالتأكيد ليس حوارا حقيقيا مع أى منهما.. وبالتأكيد هناك فارق كبير بين انتقاد ورفض رأى وحكاية غير منطقية وغير صحيحة واستغلال ذلك لرفض كل ما يقوله ويقوم به هذا الإنسان.. ورفض ما قالته دالما عن حوارها مع أبيها بل والسخرية منه لا يمكن الاستناد إليه لرفض كل ما تقوم به دالما دفاعا عن أبيها ومحافظة على حقوقه فهذا حق لكل من غاب وواجب على كل الأبناء.
نقلا عن المصرى اليوم