ياسر أيوب
الحكاية أكبر وأخطر من قرار للاتحاد المصرى لكرة اليد بعدم مشاركة منتخب السيدات فى بطولة إفريقيا فى الكونجو الديمقراطية فى نوفمبر المقبل.. ثم إلغاء هذا القرار، بعد أربع وعشرين ساعة فقط، بعد تدخل الدكتور حسن مصطفى، رئيس الاتحاد الدولى لكرة اليد.. ثم استقالة اثنين من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد احتجاجًا على ذلك.. لكنها تختصر الكثير من واقع الرياضة المصرية وأسلوب إدارتها وفكر شخوصها.. والمعنى الأول لهذه الحكاية هى أن مصر لا تملك حتى الآن سياسة رياضية عامة ملزمة لكل اتحاداتها وهل النتائج وحدها هى معيار المشاركة أم لا.. فاتحاد اليد حين قرر عدم المشاركة فى بطولة إفريقيا أعلن ضمن أسبابه أن المنتخب لن يحقق نتيجة طيبة، بعدما كان الثامن فى بطولة العام قبل الماضى.. وكنت على استعداد لتأييد قرار اتحاد اليد والتضامن معه لو أن هذه هى سياسة مصر الرياضية الملزمة لكل الألعاب فى مختلف البطولات والدورات..

لكننى أرفض أن تكون سياسة يجرى تطبيقها فقط على الضعفاء ومَن لا صوت لهم أو ظهر وحماية، بينما يسافر ويشارك مَن نعرف كلنا أنهم لن يحققوا أى شىء.. وألا يتطور منتخب طيلة عامين فهو مسؤولية الاتحاد قبل لاعباته. والمعنى الثانى لنفس الحكاية هو العقم الذى لا تزال تُدار به الرياضة المصرية.. فلابد من معسكر إعداد أوروبى مادامت هناك بطولة أو دورة.. وهو ما يعنى أن الذين يديرون الرياضة لم ينتبهوا حتى الآن للواقع الاقتصادى الحالى، ولم يبحثوا عن بدائل للمعسكرات الأوروبية، التى باتت تكلفتها فوق الطاقة والقدرة.. وأعلن اتحاد اليد أن من أسباب إلغاء مشاركة منتخب السيدات الملايين التى يحتاجها معسكر أوروبى لهذا المنتخب.. والمعنى الثالث هو الأسلوب المعتاد فى تعامل الإدارات مع لاعبيها كأنهم ليسوا بشرًا لهم مشاعر.. فهل كان من اللائق إبلاغ اللاعبات فجأة بإلغاء مشاركتهن فى البطولة عبر رسالة واتس أب بعد منتصف الليل رغم أنهن فى معسكرهن يواصلن الاستعداد للبطولة.. فلم يتمهل مسؤولو الاتحاد ويجتمعوا مع اللاعبات فى الصباح ويشرحوا لهن أسباب ودواعى القرار حتى لو كان قرارًا خاطئًا أو صحيحًا فى توقيت خاطئ.. ثم كيف يتخذ الاتحاد قرارًا بمنع منتخب من المشاركة فى بطولة، ويستفيض فى شرح أسبابه ودوافعه وضروراته، وفجأة، بعد مكالمة تليفونية، يقوم نفس الاتحاد بإلغاء قراره، ويعتبر المشاركة فى البطولة قرارًا سليمًا وحكيمًا وضروريًّا.. ومع الاحترام لاتحاد اليد، هل نصدقه حين رفض أم حين وافق؟.. وهل إذا لم يحقق هذا المنتخب نتيجة طيبة بعد هذه الفوضى، سنلقى اللوم كالعادة على اللاعبات، ونتهمهن بالفشل والتقصير باعتبار اتحاداتنا أبدًا لا تخطئ؟!.
نقلا عن المصرى اليوم