خالد منتصر

التطور فى السنين الأخيرة إيقاعه صار مذهلاً، أنا لحقت المحراث المرسوم على جدران معابد الفراعنة فى قرية أبويا بجانب الجرار الزراعى الروسى عادى جداً، وهذا يُستخدم وذاك يُستخدم، لكن الآن الإيقاع مرعب، والاختراع الجديد يزيح القديم ويشطب عليه نهائياً!!

 

هل تتذكر؟

خناقاتنا على شرايط فيديو الأفلام من نادى المقاولين العرب واستخدام الواسطة للحصول على الشريط الجديد؟؟! النادى ده فين؟!

 

جهاز الفيديو اللى كنا بنتفاخر بيه وبعدين خف شوية وأصبح «بيتا كام»، وبعدين الدى فى دى، ثم اختفاءه، وأصبحت الحاجات دى من الحفريات فى البيت، وشريط فرحك مش عارف تتفرج عليه!! الفيديو ده فين؟

 

الدش اللى فوق السطح واللى كان تركيبه بياخد 24 ساعة ونطلَّع التليفزيون فوق، ويتحرك ويعمل صوت لما تغير اتجاه القمر، والصوت يصحِّى الجيران، تركيب أول دش كان يتكلف عشرات الآلاف أيامها!! الدش ده فين؟!

 

الموبايل أبو إريال النوكيا اللى لون التوت وبالحجز والقسط ويوضع فى الحزام، وبحجم فردة الشبشب، وتنزل النغمات فى محلات الموبايل، النغمة بجنيه!! فين الموبايل ده؟؟!

 

علبة الفلوبى ديسك اللى فيها مائة ديسك وكل واحد عليه ملف وورد بالعافية، والشاشة المتوصلة بالتليفون الأرضى بسلك سميك مختلف، وكل أمر للكمبيوتر من خلال الـDOS بحروف تملا صفحة عشان أقول للكمبيوتر من فضلك احذف أو ضيف!! الفلوبى والكمبيوتر فين دلوقتى مع إنه كان موجود جنب الآلة الكاتبة؟!

 

خريطة العالم اللى كانت بتتوزع مع مجلة العربى وكانت اختراع، وكنت أقف قدام كشك الجرايد الفجر علشان ألحق هدية شهر يناير من المجلة، وأعلقها على جدار حجرتى؟ فين الخريطة دى فى زمن الجى بى إس؟!

 

شريط الكاسيت اللى كنا نستناه جنب الكشك، عندك عمرو دياب الجديد؟ شبابيك بتاع منير لحقت تجيبه؟؟ والشريط يسف وانت محضَّر القلم الرصاص تصلَّح العطب، وصديقى الثرى الأرستقراطى عنده الكاسيت أبو روحين، حاشترى شريط فاضى يابانى أصلى تى دى كيه، وأروح له أنسخ الشريط، وعلى فكرة كان جهاز الأسطوانات لسه موجود! فين الشريط الكاسيت، وفين القلم الرصاص، وفين الكشك؟!

 

أبويا كان بيحب القلم الحبر الشيك «باركر»، أو التانى أبو نقطة على غطاه، وكنت أحب أقلد خطه بالحبر، وأنا بأملا القلم لازم الحبر يقع على القميص يشلفطه!!! كان القلم الرينولدز جنبه، لكن الاتنين الله يرحمهم، الحبر والرينولدز!!

 

النتيجة كانت شىء مقدس فى بيتنا، وكنا نحبها من النوع اللى كل ورقة عليها حكمة مأثورة، أين هى فى زمن الـcalendar على الموبايل؟!

 

يوم ما اشترينا الأنسر ماشين كان يوم عيد، اترك الرسالة بعد سماع الصفارة، تلك الجملة تركتها وأنا طفل بسعادة غامرة ورهبة وتركيز وكأننى أغنى الأطلال على مسرح الأولمبيا!! الآن التليفون الأرضى اختفى وأصبح مجرد وسيط للإنترنت المنزلى!!

 

إلى أحمد القاطن بدير النحاس، هذا الدواء به سم قاتل، قلبى مرعوب وأنا أدعو أن يصل يوسف وهبى إلى عماد حمدى قبل أن تُحضر بنته زجاجة الدواء، الآن هذا الفيلم لا محل له من الإعراب بعد الموبايل حيث كان مجرد «ميسدج» يحل المشكلة دى كلها!!

 

نيجاتيف صور رحلة أولى طب فى درج الكومودينو، ضربت مشوار لغاية كوداك شارع عدلى، اللى ما عادش موجود، إوعى تطلعه من الكاميرا ليبوظ، خلى الاستوديو هو اللى يطلعه من الكاميرا.. لما صاحبى جاب الكاميرا البولارويد اتهمناه إنه خان يساريته وصار مرتداً!!

 

كل ما كان أصدقائى يسافروا بلد كانوا يبعتولى كارت وعليه طابع البلد دى، وخلف الكارت كلمتين عن لوعة الشوق وجمال البلد، وكان أبويا لما سافر ليبيا بيبعت لى جواب كل أسبوع، وكان صوت البوسطجى يجعل قلبى يرقص عندما ينطق باسمى فى بير السلم أو يحط الجواب فى صندوق البوستة؟! فين البوسطجى وفين الصندوق وفين الجواب، دلوقتى sms أو واتس أب.

 

نظرت إلى كل تلك الأشياء المتناثرة فى البدروم، تليفون النوكيا القديم وشرايط الفيديو والكاسيت والنيجاتيف والجوابات... إلخ.

 

صوت بتاع الروبابيكيا ينادى من بعيد: بيكيا.

 

 

احتضنت كراكيبى وذرفت دمعة فراق.

نقلا عن الوطن