ياسر أيوب

كانت أفروديت مجرد أسطورة بدأت حكايتها فى جزيرة قبرص.. ثم أصبحت رمزا عالميا للحب والجمال والفرحة.. ونجحت أفروديت كثيرا مع نساء ورجال وشعراء وعشاق وحالمين.. ولم تفشل إلا مع كرة القدم فى قبرص.. ففى جزيرة أفروديت ظلت كرة القدم لعبة لا تعرف الحب أو الجمال أو الفرحة.. توالت أزماتها وجرائمها بشكل لم تعرفه حتى أكثر الدول الكروية شغبا وعنفا.

 

واضطر الرئيس القبرصى نيكوس خريستودوليدس منذ يومين فقط لتوجيه رسالة غاضبة لرئيس وأعضاء الاتحاد القبرصى لكرة القدم.. وطلب الرئيس من مسؤولى اتحاد الكرة أن يكفوا عن الاختباء خلف حصانتهم الكروية التى يمنحها لهم الفيفا وألا يهربوا من واجباتهم ومسؤوليتهم للتصدى للعنف والشغب.. ولم يكن نيكوس يتحدث فقط كرئيس للبلاد تولى منصبه فى فبراير قبل الماضى.

 

إنما كان غاضبا مثل كثيرين جدا من أهل قبرص الذين شهدوا كرة القدم فى جزيرتهم تتحول فى السنين الماضية إلى لعبة للعنف والقبح والخوف والدم.. وإذا كان من الطبيعى أن يواجه حكام الكرة فى مختلف بلدان العالم انتقادات وشكوكا بشأن الكفاءة والنزاهة والحياد.. فالحكام فى قبرص مهددون معظم الأوقات بالموت.. وبعد قنبلة انفجرت منذ عشر سنوات فى مقر رابطة الحكام القبارصة

 

توالت حوادث وجرائم العبوات الناسفة التى تطارد الحكام فى بيوتهم هم وعائلاتهم أيضا.. وأضرب الحكام القبارصة أكثر من مرة دون جدوى.. وإذا كانت أهم وأكبر أحلام ومطالب لاعبى الكرة فى العالم هى التألق والنجاح والشهرة والثروة والحياة الأفضل.. فالأهم بالنسبة لمعظم لاعبى الكرة فى قبرص هو البقاء على قيد الحياة بدون أذى وإصابات وجروح.

 

وطلب هؤلاء اللاعبون فى يناير الماضى حماية إضافية لهم بعد أن فقد جورج باباجورجيو لاعب نادى نيا سالامينا السمع بأذنه اليسرى نتيجة قذفه بصواريخ وألعاب نارية.. وبعد إصرار بعض الجماهير على تهريب مواد خطرة للملاعب مثل المفرقعات والمشاعل النارية وزجاجات المولوتوف.. وظلت قبرص رغم نجاحات حقيقية اقتصادية واجتماعية وسياحية تواجه مشكلتين أساسيتين.

 

أزمتها الدولية مع تركيا، والداخلية مع كرة القدم.. وإذا كانت الأزمة الدولية مرتبطة بتوازنات قوى وسياسة ومصالح كبرى.. فإن أزمة كرة القدم كانت تحتاج فقط لمواجهتها بشجاعة وجدية وحزم.. وهو ما لم يقم به اتحاد الكرة القبرصى.. واستمرت الأزمة وتم إلغاء مباراة بين أبولون وأيل ليماسول يوم الأحد الماضى بعد اشتباكات عنيفة بين الشرطة والجماهير.

 

وهو ما أدى لغضب الرئيس القبرصى وانفعاله.. وأغرب ما فى حكاية الكرة القبرصية التى بدأت 1911 أنها رغم كل هذا الاهتمام بها والتعصب والعشق المجنون لا تملك أى نجاحات حقيقية.

نقلا عن المصرى اليوم