هاني لبيب
لا أحد يستطيع أن ينكر التطوير المذهل الذى حدث فى الطرق سواء على مستوى الشوارع أو المحاور أو الكبارى التى أعادت صياغة التنقل سواء داخل القاهرة أو خارجها إلى المحافظات المختلفة. هذا التطور نتج عنه تيسير وتسهيل فى عملية الانتقال، وما ترتب على ذلك من تخفيض الوقت المخصص للانتقال، كما أسهم فى خفض التلوث بسبب القضاء بشكل كبير على ظاهرة التكدس الشهيرة لشوارع القاهرة. وما صاحب ذلك من استحداث أنواع مختلفة لوسائل التنقل الحديثة والسريعة على وشك التشغيل.

ما سبق.. هو دور غير مسبوق. ولكن دائمًا ما يحدث ما يعكر صفو هذه الإنجازات. وعلى سبيل المثال العملى، لماذا تركنا الشارع مرة ثانية لسيطرة الباعة الجائلين؟، ولماذا تركنا الشارع لمَن يحتله ويحتل الرصيف سواء لعرض الملابس أو بيع الخضروات والفاكهة أو لاستغلاله كمكان مفتوح لاحتساء المشروبات؟.

لا أجد أى مبرر لترك الشارع لهذه المهزلة العشوائية والفوضوية التى تتحكم فيه. وأمثلة ذلك كثيرة، وهى جميعها إما مسؤولية الأحياء التابعة لوزارة التنمية المحلية أو مسؤولية إدارات المرور. وذلك على غرار:

ترك وقف الميكروباصات للتحميل عند مدخل النفق، الذى يقع أمام فندق سونستا فى اتجاه صلاح سالم، وما يمكن أن يتسبب فيه من حوادث وكوارث. مثلما يتم ترك الميكروباصات والأتوبيسات تنتقل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار عند مطلع كوبرى ٦ أكتوبر من غمرة. وهو ما يحدث أيضًا بطول شارع شبرا مع إضافة تحركات التوك توك، التى وصلت إلى حالة لا يمكن وصفها من الفوضى المنظمة تحت سمع المحليات وبصرها.

وعلى الجانب الآخر، ما يحدث من سيطرة الباعة الجائلين هو أمر أصبح خارج نطاق اختصاص المحليات. وأذكر هنا بعض المشاهد التى كتبتها بشكل متفرق. منها: استمرار كتابة ميدان نصر الإسلام على ميدان فيكتوريا بشبرا.. رغم أنه لا يزال عند الحى ومحافظة القاهرة اسمه ميدان فيكتوريا، ولكن من الواضح أن الجمعية التى قامت ببناء مسجد نصر الإسلام.. تصر على تسمية الميدان بهذا الاسم، كما تصر على احتلال الحديقة والنافورة التى تتوسط ميدان فيكتوريا. ومن الواضح أنها تحولت إلى سلطة.. أكبر من السلطة التنفيذية الموجودة.

وما يحدث فى شارع جزيرة بدران بأول شبرا هو نموذج لاحتلال الباعة الجائلين للأرصفة المخصصة للمواطنين والشوارع المخصصة لسير السيارات دون أى مشاكل.. رغم وجود مجمع ضخم لمحاكم الزنانيرى هناك. وعلى النهج نفسه شارع شبرا، الذى يظهر وكأنه خارج نطاق اختصاص سلطة الأحياء.. ويكفى أن نشاهد التعديات الموجودة فى شارع شبرا أمام مجمع الأحياء نفسه، الذى يقع فيه مكتب نائب المحافظ ورؤساء لأربعة أحياء.. ولا يحتاج الأمر إلى إثبات.. فيمكن لجميعهم مشاهدة هذه التعديات من مكاتبهم. ولن أزيد وأقول إنهم يمرون على ما سبق يوميًّا فى ذهابهم وعودتهم.

الخطر.. أن يرى الموظف الحكومى المختص والمسؤول.. المشاكل التى تقع تحت نطاق عمله، ولا يتحرك أو يتخذ موقفًا، بل يتجاهلها بما يسمح بتفاقمها.

نقطة ومن أول السطر..
انضباط المرور وانسيابية الشوارع.. هما الدليل العملى على قوة الأجهزة التنفيذية لكونها الاختبار الحضارى الحقيقى. صمت الموظف الحكومى عن أداء واجبه طبقًا للوائح والقرارات والقوانين.. جريمة وطنية قبل أن تكون جريمة يعاقب عليها القانون.

صمت القبور لدى الأجهزة التنفيذية المشار إليها.. لا يتسق مع كل تلك الجهود الحكومية التى تمت. ولا يتسق مع طموحاتنا فى الوصول إلى الدولة المدنية المصرية.
نقلا عن المصرى اليوم