( 1819- 1905 )

إعداد/ ماجد كامل
ميلاده ونشأته :
ولد  عام 1819 ببلدة الشيخ مسعود غربي طهطا ، ولهذا لقب بالمسعودي . وعندما بلغ سن السابعة عشر من العمر أشتاقت نفسه لحياة الرهبنة ، فتوجه إلى دير السيدة العذراء المحرق  خلال عام 1835 م 0 ( 1551 ش ) ، فى  عهد القمص ميخائيل الكدواني .

تلمذته على يد القمص بولس الدلجاوي ( المتنيح القديس الأنبا ابرآم ) :
تتلمذ على يد القديس القمص بولس الدلجاوي ( الذي صار فيما بعد المتنيح الأنبا ابرآم اسقف الفيوم والجيزة ) . وتشرب منه وداعته وهدوءه النفسي .

نزوحه إلى دير البراموس :
بعد ان قضى في الدير المحرق 22 سنة ، قرر التوجه إلى دير البرموس بوادي النطرون ، وهناك تعرف على القمص يوحنا الناسخ ( المتنيح  قداسة البابا كيرلس الخامس بطريرك الكنيسة القبطية رقم 112 ) ، ولقد حزن عليه رهبان الدير المحرق كثيرا ، حتى قيل عنه "إنه جوهرة خرجت من الدير " .  فلقد شهد الكثيرون عنه أنه كان عالما زاهدا عفيفا ،روحانيا مجاهدا ، يتميز بالإخلاص التام والإيثار المحض ، بعيدا عن الانانية وروح الافتخار العالمي والأغراض الشخصية ،كما كان يتصف بالوداعة والعطف واللطف ودماثة الخلق ، والمحبة المسيحية الغامرة لكل أحد ، لهذا كان محبوبا ومحترما ومهابا ا وموقرا ومطاعا من الجميع " .

تعيينه ربيتة ( مدبر ) لدير البرموس :
بعد نياحة القمص عوض البرهومي ربيتة دير البرموس ، قرر البابا كيرلس الخامس تعيينه ربيتة لدير البرموس بدلا منه ، فأهتم بأحوال الرهبان ورعايتهم روحيا وجسديا ، فأحبه الجميع والتفوا من حوله ، وكان يحث الآباء الرهبان على حفظ وصايا الله وتعاليم القديسين ، بكل تدقيق ، فزاد نجاحهم في الفضيلة بقدوته وتعليمه ، حتى دعاه الأنبا يؤانس مطران الإسكندرية ( قداسة البابا يؤانس التاسع عشر فيما بعد ) ،أبو رهبان دير البرموس

ترشيحه لمطرانية أسيوط ثم أعتذاره عنه :
رشح أثناء وجوده بدير البرموس ليكون أسقفا على كرسي أسيوط ، لكنه اعتذر بشدة والحاح حتى قبلوا عذره .

ترشيحه ليكون مطرانا على الحبشة ثم اعتذاره عنه :
في عام 1877 ،رشح ليكون مطرانا على الحبشىة  ، إلا انه أعتتذر عنه  بإلحاح شديد

توحده في مغارة بالجبل :
أشتاقت نفس القمص عبد المسيح المسعودي للوحدة ، فعاش فترات طويلة من حياته متوحدا في مغارته بلغت حوالي خمس عشر سنة ، وكان في وحدته يعيش في مغارات متعددة أغلبها من صنع يديه ، وكان يقضي أيام الأسبوع متوحدا ثم يعود إلى الدير عشيات الآحاد ليقضي لياله داخل الكنيسة ،ثم يحضر القداس الإلهي في الصباح الباكر ويتناول من الأسرار المقدسة ، ثم يعود إلى وحدته . .

 أهم كتبه ومؤلفاته :

كان القمص يوحنا عبد المسعودي الكبير من النساخ المهرة ، فلقد أنعم الله عليه بالخط الجميل ، فشغل وقته فى نسخ وتجليد الكتب ، وعمل الأسكيم ، وكتابة الراسائل البليغة والمقالات القوية . ومن هنا فلقد أثرى المكتبة القبطية بالعديد من الكتب نذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل إليه :

1-الايضاحات الجلية في  أمانة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، طبع سنة 1889م ( مايوازي 1606 للشهداء ) في 103 صفحة  .

2-كتاب الأجوبة الجليلة على ست مسائل بروتستانية  ،ومعه في مجلد واحد  "كشف المستور عن تمويهات أتباع نسطور " طبع سنة 1894م ( مايوافق 1610 ش ) .

3-سيرة الانبا باخوم أب الشركة .
4-قام بتنقيح وترتيب عدد من الكتب القديمة  .
5-له بعض الرسائل التي تحوي بعض التعاليم النافعة .

نماذج من رسائله وكتاباته -  رسالة إلى كل راهب حقيقي :
له رسالة هامة بعنوان "رسالة إلى كل راهب حقيقي  يريد حياة نسكية صحيحة " كان قد كتبها إلى قداسة البابا كيرلس الخامس بناء  على رغبته ونشرها الاستاذ فريد كامل في اكتوبر 1933 ، وقصة هذه الرسالة أن المتنيح البابا يؤانس التاسع عشر ، كان قد عثر عليها ضمن أوراق سلفه المتنيح البابا كيرلس الخامس سنة 1887 م ( ما يقابل  1603 للشهداء ) ، ولقد جاء في هذه الرسالة من ضمن ما جاء " من عبد الله الداعي باسم الله المستمد عفو الله وإنما التوفيق بالله والاتكال على الله .

إلى محب الله الطالب إلى الله ، أخي وخليلي في الله أعزه ونصره الله  ...... وصيتي إليك يا رجل الله أن تلقى رجاءك على يسوع ربك وحيد الله ليصيب رأيك وينجح سعيك بمساعدة الله وتنجو من كل شيطان عنيد ومن كل وسواس ..... إذا بليت بأذى من من أشرار الناس ،فعليك بالصبر وطول الأناة وانف عنك غرائز الوحوش وتخلق بأخلاق أبناء الله واكظم الغيظ واصرف الغضب إذا تحركا على غير قصد الله لتقى العذاب وتنال عفو الله ، عليك بالصفح عمن يسيء إليك من عباد الله لتحظى بالصفح عن خطاياك من لدن الله ..... أوصيك بالتوبة الخالصة والرجعة الصادقة غلى الله وأن تقطع صلة كل أمر يفصلك من الله لتخظى بالدالة لدى اله وتنال موهبة النظر إلى مجد قدس الله وأن تغض الطرف عن كل سوى الله ليشهد الحق لكافة الخلق بأنك من أولياء الله وتجمع بين حب الناس وحب الله فتعامل الناس بالرفق إكراما لله  ...... عليك يا حبيب بكبح شهوات الجسد وملاذة المغايرة لقداسة الله ولا تسع في طلبها بل اسع بالحري في طلب الله والزلفى إلى الله ليصفو عيشك ويسعد حظك ويتحقق أملك بالله . قلل من الطعام وخفف من المنام أوجز في الكلام في كل ما خرج عن تسبيح الله لتذوق حلاوة الإلهام وجودة الكلام ولذة السلام مع الله ..... ثابر على التوسل فلبا وسان باسم سوع حكمة الله وقدره ليستنير عقلك ويستضيء ذهنك بأنوار معرفة  الله . ...أعرض يا حبيبي عن كل شيء وعن ذاتك حبا لله وداوم في التفكيرلله ليكون جليسك الوحيد وأنيسك الفريد هو ربنا يسوع المسيح ، ويكون هو بصرك وسنعك وتصير كلك بكلك لله ولا يبقى لك عوز ولا حاجة عند غير الله ، وإحذر ان يكون اهتمامك بالطرب والسهر واللعب دون اهتمامك بالله لئلا يغلظ قلبك ويظلم لبك وتبتعد عن الله  ...... خلاصة الأمر كله أن تترك كل شيء من  أجل الله لتكون بجملتك ملكا لله فتستحق ان تكون خليل الله ".

ولقد أرخت الرسالة بتاريخ 12 برموه 1603 للشهداء ، أي ما يقابل 1887 ميلادية .

تاريخ نياحته :
تنيح القمص عبد المسيح المسعودي الكبير في 21  سبتمبر م  الموافق  11 توت 1621 للشهداء عن عمر يناهز ثماني وثمانين سنة  ، قضى منها إحدى وسبعين سنة  ما بين ديري المحرق والبرموس .

مراجع المقالة :
1-القمص أنطونيوس البرموسي ( المتنيح الأنبا ديسقوروس فيما بعد )  ،تاريخ دير السيدة العذراء برموس ،موقع Coptic Treasures  ، الصفحات من 119- 122 .

1-نيافة الأنبا غريغوريوس : الدير المحرق تاريخه ،وصفه ، كل مشتملاته ، مشروع الكنوز القبطية Coptic Treasures  ، الصفحات من  323 – 326 .

2-إيريس حبيب المصري : قصة الكنيسة القبطية ، الجزء الخامس ، مشروع الكنوز القبطية Coptic Treasures ،  الصفحات من 106- 108 .
3- حبيب جرجس :رسالة ثمينة ،مجلة الكرمة ، اكتوبر 1931 الموافق 20 توت 1648 للشهداء ، الجزء الثامن ، السنة السابعة عشرة ، الصفحات من 393- 398 .

4-لا يفوتني أن أقدم خالص الشكر لأبي الحبيب الراهب القس ميصائيل البرموسي لتفضله بتصوير بعض المعلومات القيمة عن العالم الجليل وإرسالها لي على الواتس ، فله مني جزيل الشكر .