د. وسيم السيسي
بماذا ينفرد الإنسان؟، هل بالعقل؟. العقل هو الربط بين الأشياء، ومنها عقال الرأس، أى رباط الرأس، والشمبانزى يعقل على قدره، إذن لا ينفرد الإنسان بالعقل!. قالوا بالنطق!. ولكن طائر مثل الـMINA ينطق كالإنسان، وإذا سمعته لا تفرق بينه وبين الإنسان!. الشىء الوحيد الذى ينفرد به الإنسان أنه: كائن حى ذو تاريخ!. نعم الكائنات الأخرى ليس لها تاريخ، ولو كان للخراف تاريخ فى أنها تُذبح عند كل عيد أضحى، لكانت تحاول الهروب حتى تنجو، ولكن ليس لها تاريخ تعرفه!. كذلك الشعوب، قد تتخلف أو حتى تُذبح إذا لم تتعلم من التاريخ!. ذبح هتلر شعبه وشعوبًا أخرى معه لأنه لم يقرأ عن هزيمة نابليون بونابرت فى روسيا بسبب الثلوج ٤٠ تحت الصفر، وأيضًا طول خطوط الإمداد. تهور هتلر بعد أن كادت بريطانيا ترفع الراية البيضاء بعد موقعة دنكرك، وهاجم روسيا فكانت الهزيمة بالمناخ وخطوط الإمداد.
لم يقرأ الرئيس عبدالناصر تاريخ محمد على باشا، ومأساة ١٨٤٠، «معاهدة لندن»، تكررت ١٩٦٧، كارثة ٦٧ التى مازلنا نعانى منها حتى الآن، ولو كان الاثنان اكتفيا بالإصلاح الداخلى، وعدم مناطحة الدول الكبرى، لكانت مصر الآن تناطح أمريكا وبريطانيا وألمانيا. الأول أراد أن يكون خليفة للمسلمين بوصوله للأستانة، والثانى أراد أن يكون زعيمًا للأمة العربية.
أحاط المغول مع زعيمهم هولاكو ببغداد ١٢٥٨م، نظر الوزير إلى أمير المؤمنين المستعصم بالله قائلًا: مَن ترك الصغير حتى يكبر، والقليل حتى يكثر، وأجّل عمل اليوم إلى غد، استحق هذا وأكثر!. أجهش أمير المؤمنين بالبكاء وقال: والله إن هذا القول أشد علىَّ من فقد الخلافة. دخل هولاكو، وأخرج الأموال التى كانت كالجبال، وقال للمستعصم بالله: لو كنت أنفقت هذه الأموال على شعبك وجنودك لما استطعت أن أصل إليك، وذبحه!، وكانت نهاية الدولة العباسية.
بدأت الصراعات الدينية بين الآمونية والآتونية «إخناتون»، ثم دولة الكهنة «حريحور الأسرة ٢١»، بدأ الانهيار، لأن السياسة والدين لا يجتمعان، فالدين مقدس، ثوابت، مطلق، والسياسة لعبة قذرة «تشرشل»، متغيرات، نسبية، بدأ انهيار مصر وليس كالتاريخ عبرة.
وكما نتعلم من التاريخ كوارثه حتى نتجنبها، دعونى أذكر لكم للتاريخ إنجازًا يدل على الذكاء السياسى لمصر أثناء الحرب العالمية الثانية!. لم تعلن مصر الحرب ضد ألمانيا، وإلا أصبحت القاهرة مثل لندن، ودمرها هتلر، خصوصًا أنه وصل إلى العلمين ١٩٤٢، ظلت مصر محايدة حتى ربيع ١٩٤٥م!. أعلنت مصر الحرب على المحور بعد أن تأكدت من هزيمة هتلر!. كان الناس يعجبون، واكتشفوا أن مصر نجت من نار الحروب بالحياد، وكان لها نصيب فى التعويضات لأنها أعلنت الحرب فى آخر لحظة، هذا ذكاء مصرى عبقرى سياسى غير مسبوق.
أخيرًا درس تاريخى من حياة رمسيس الثالث الشخصية، فبالرغم من إنقاذه مصر من شعوب البحر التى قضت على البابليين، والآشوريين، والفينيقيين، فإنه انغمس فى الملذات، وتزوج الكثيرات، فكانت المؤامرات، وقتله ابنه بنتاؤر، الذى حوكم وحُكم عليه بالإعدام، كما حُكم بالإعدام على اثنين من القضاة، «كانت المحكمة خمسة عشر قاضيًا»، لأنهما كانا مع بعض رجال القصر، فانتحر القاضيان قبل تنفيذ الحكم، وكأن ما حدث تكرار لما حدث لأنطونيو بسبب كليوباترا.
ضيعت قيصر البرية أنثى/ يا لربى مما تجر النساء
نقلا عن المصري اليوم