ياسر أيوب
قررت المهندسة راندا المهدى فى ٢٠١٧ ممارسة السباحة لأول مرة فى حياتها، ليس بقصد التسلية والترفيه وإنما بهدف التحدى والبطولة رغم أنها كانت فى السابعة والثلاثين من عمرها .. وأصبحت فى ٢٠٢٤ أول امرأة فى العالم تعبر بحيرة أنسى سباحة لمسافة ١٤ كيلومترا أنهتها فى ٥ ساعات و١١ دقيقة .

فقد اعتادت هذه البحيرة الفرنسية الجميلة استقبال بطلات وأبطال سباحة المسافات الطويلة، ليس فقط باعتبارها أجمل بحيرات أوروبا ولكن لنقاء وصفاء مياهها أيضا التى تأتى من أنهار صغيرة تنساب حولها من جبال الألب شرق فرنسا .. وكانت بطلات السباحة الطويلة يعبرن البحيرة فى تتابع بشكل جماعى.. لكن اختارت راندا عبور البحيرة كلها بنفسها فى تحد لم تسبقها إليه سباحة أخرى .

وحين أبلغت راندا الاتحاد الدولى للسباحة الطويلة بقرارها .. لم يتخيل أحد نجاحها باستثناء قليلين يعرفون شخصيتها وعنادها وإصرارها .. ومن هؤلاء القليلين كان الدكتور محمد معروف، بطل السباحة القديم، الذى أدخل السباحة الطويلة فى النادى الأهلى، وقام بعدها بتغيير واقع اللعبة فى كندا كلها كمدرب وأصبح من عظماء اللعبة فى العالم ومحاضرا دائما باتحادها الدولى .

وحين بدأ الدكتور معروف تدريب راندا، اكتشف مدى جديتها وصلابتها واستعدادها لتحقيق حلمها الشخصى، حتى إن لم يلتفت أو يصفق لها أحد .. وأثناء محاولة راندا كان معها أيضا الفرنسى ستيفان ليكات مدرب المنتخب الفرنسى مراقبا وممثلا للاتحاد الدولى .. وبدأ التحدى عند شاطئ ألبينى فى مدينة أنسى، وانتهى بعد أكثر من خمس ساعات عند شاطئ دوسار ليعتمد الاتحاد الدولى ويمنح السباحة المصرية شهادته واعترافه بها كأول إمرأة تنجح فى ذلك .

ولم يقتصر الأمر على ذلك .. إنما أصبحت راندا وهى تقف منتصرة على رمال دوسار دليلا جديدا على تفوق المصريين وتميزهم فى السباحة الطويلة .. فقد كان إسحاق حلمى فى ١٩٢٨ أول مصرى وتاسع سباح فى التاريخ يعبر المانش .. وحين نجح الإيطاليون فى إجبار العالم على الاعتراف بسباق كابرى نابولى كبطولة دولية كبرى وأقاموا أول سباق فى ١٩٥٤ .. كان البطل المصرى مرعى حماد أول بطل لهذا السباق الدولى وكان الثانى مصطفى حامد والرابع سيد العربى .. وفى ١٩٥٥ فازت إيناس حقى ببطولة العالم للسباحة الطويلة للفتيات .

وفى ١٩٧٤ أصبحت عبلة خيرى فى الثالثة عشرة من عمرها أصغر سباحة فى العالم تعبر المانش.. وتوالت النجاحات العالمية الجميلة لمصريين كثيرين بداية من عبد اللطيف أبوهيف أعظم سباح فى القرن العشرين ونبيل الشاذلى وعبدالباقى حسنين حتى أحمد أسامة ومصطفى سعيد زكى .. وفجأة نسيت مصر هذه اللعبة وتجاهلتها، حتى جاءت راندا لتتذكر معها مصر نجاحاتها القديمة فى السباحة الطويلة.
نقلا عن المصري اليوم