ياسر أيوب
الأكثر إيلامًا من أى كلام هو مراجعة الحقائق والأرقام.. وإن لم نصارح أنفسنا ونعترف بأخطائنا الرياضية أولًا برغبة حقيقية ونية صادقة لإصلاحها.. يصبح عبثًا كل ما يُقال عن تغيير وتطوير ومستقبل ونتائج أفضل، لكنه فقط لامتصاص غضب وانفعال، ثم التخزين فى الثلاجة الرياضية انتظارًا للوس أنجلوس ٢٠٢٨.. وأول ما يستحق أن يكون بداية المصارحة هو تاريخنا مع رفع الأثقال.. فمن بين ٦٨ دولة فازت بميداليات أوليمبية فى رفع الأثقال منذ أنتيويرب ١٩٢٠ حتى باريس ٢٠٢٤.. تأتى مصر فى المركز ١٥ من حيث إجمالى عدد الميداليات والمركز ١٤ وفقًا لميداليات الذهب.. والمشكلة ليست فى الترتيب إنما فى البلدان التى فازت بميداليات رفع أثقال أكثر من مصر.. فأول خمسة بلدان فى هذه القائمة وهى بالترتيب الصين والاتحاد السوفييتى والولايات المتحدة وبلغاريا وإيران.. سبقتها كلها مصر فى الفوز بميداليات رفع الأثقال.. بل إن مصر فى ١٩٣٦ كانت الدولة الأقوى فى العالم فى هذه اللعبة.. واعتقد خبراء اللعبة وقتها، وأعلنوا أن المصريين سيتسيدون هذه اللعبة تحديدًا أوليمبيًّا وعالميًّا لسنوات طويلة كثيرة..
فقد تخيل هؤلاء الخبراء وقتها أن مصر تملك خطة ورؤية رياضية، وسيُجيد أبناؤها استغلال استعدادهم الطبيعى للتألق فى رفع الأثقال، التى سيهتمون بها وينفقون عليها أكثر من أى لعبة أخرى.. ولم يحدث ذلك، ولم تلقَ اللعبة أى اهتمام.. وللتأكيد على فداحة الخطأ الذى ارتكبناه فى حق رفع الأثقال.. يكفى أن نعرف أن الصين فازت بأول ميدالية رفع أثقال فى تاريخها فى دورة لوس أنجلوس ١٩٨٤، بينما كانت مصر وقتها تملك ٩ ميداليات أوليمبية.. واليوم، تملك مصر ١٥ ميدالية فى رفع الأثقال مقابل ٦٧ ميدالية للصين.. وهو نفس ما جرى مع بلدان أخرى كثيرة كان أقصى طموحها فى رفع الأثقال أن تنافس مصر أو حتى تقترب من رصيدها ونجاحاتها مثل الاتحاد السوفييتى، الذى فاز بميداليته الأولى ١٩٥٢، ويملك الآن ٦٢ ميدالية.. وبلغاريا التى فازت بميداليتها الأولى ١٩٧٢ وتملك الآن ٣٩ ميدالية.. ونفس الحال مع بلدان أخرى كثيرة مثل بولندا والمجر وإيران.. ورغم كل ذلك.. لا نزال ندير رفع الأثقال والرياضة كلها بنفس الفكر القديم وتكرار نفس أخطاء الماضى.. ونتخيلها فقط أزمة أموال أو أخطاء أسماء ووجوه يمكن استبدالها لتأتى بعدها الميداليات بلا حساب.. بينما هى فى الحقيقة أزمة غفلة ولامبالاة وغياب رؤية وعدم تخطيط علمى حقيقى.. ولابد من الاعتراف الآن رغم الحزن والألم بأن مصر الرياضية لم تمتلك فى الماضى ولا تمتلك حاليًا أى خطة رياضية وأوليمبية حقيقية، ونجاحاتها إما مصادفة أو إرادة حقيقية لقليلين جدًّا.
نقلا عن المصرى اليوم