سامح فوزي
أطلقت مؤسسة المحروسة برنامجًا بعنوان «شباب مٌلهم وقائد» فى لقاء حول الشباب والمشاركة يوم الأحد الماضى. الملاحظة المبدئية أن النقاش الذى ساد اللقاء لم أرَ مثيلا له منذ فترة، من حيث الصراحة، والاشتباك مع القضايا الأساسية، وإدراك إنجازات المجتمع، دون إغفال التحديات التى تواجهه. تحدث فى اللقاء عدد من السياسيين والباحثين والنشطاء فى الحياة العامة. ذكر السياسى أنور السادات أن حزب الإصلاح والتنمية الذى يرأسه سوف يشهد رئيسًا جديدًا عام 2026، ضاربا المثل بتداول المواقع. وأشار باسل عادل، رئيس كتلة الحوار والبرلمانى السابق، إلى أهمية المشاركة فى أنساق مختلفة، سياسية ونقابية واجتماعية، وتكوين القيادات بصورة تراكمية، واشترك عضو مجلس النواب أحمد على إبراهيم، وهو صاحب معرفة أكاديمية وخبرة ميدانية، فى الحديث، مشيرًا إلى أهمية أن يكون التدريب له «نتائج» وليس «مخرجات»، بما يعنى أنه ليس مهمًا إقامة برامج تدريبية للشباب تقاس بالعدد، ولكن ينبغى الاهتمام بالنتائج، أى ما يحرزه الشباب من تحول فى حياتهم من جراء التدريب. بلغة أخرى، ما ذكره النائب أن هناك فارقا بين «الكم» و«الكيف»، وما يجب أن نتطلع إليه هو الكيف.
ساد اللقاء حديث ثرى حول دراسة مهمة أعدها يوسف وردانى، خبير العلوم السياسية ورئيس مؤسسة قدرات مصر، شملت الإطار القانونى والسياسى لمشاركة الشباب، وصور المشاركة، والتحديات التى تواجهها. بالطبع أثيرت قضايا من قبيل تفعيل مشاركة المرأة، والطلاب فى الجامعات، وإزالة العوائق أمام ذلك، والاهتمام بالتمكين الاقتصادى للشباب فى إطار المشروعات الصغيرة، وقد تحدث النائب طارق السيد عضو مجلس النواب عن الكثير من الفرص الاقتصادية المتاحة أمام الشباب، والتى ينقص الناس المعرفة بها، وهو ما يطرح قضية متجددة هى غياب المعرفة بما يحدث على أرض الواقع فى كثير من المجالات التى تشهد تطورًا، بينما يسود خطابات التشاؤم والغضب أحاديث السوشيال ميديا، وكلام الناس.
هانى إبراهيم، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان ورئيس مؤسسة المحروسة، ذكر أن أحد أهداف الحوار والنقاش حول مشاركة الشباب هو التواصل، وبناء مقترحات، وتقديمها إلى دوائر صناعة القرار، باعتبار أن الشباب، بقضاياهم وفكرهم وتحدياتهم، ينبغى أن يكون حاضرا فى صناعة المستقبل.
أبرز ما شهده اللقاء هو القدرة على إدارة حوار بين فئات متنوعة فى الحياة العامة: ممثلو الحكومة، أعضاء البرلمان، سياسيون، رؤساء أحزاب، إعلاميون، باحثون، شخصيات عامة، وهو ما يمثل طريقة مهمة فى تحقيق التفاعل بين فئات لديهم معارف وخبرات واهتمامات متبادلة.
فى الوقت الذى تشكو فيه فئات كثيرة من المجتمع من محدودية الحوار، والتفاعل، والتواصل يأتى الدور الذى ينبغى أن تقوم به مؤسسات المجتمع المدنى فى توفير مساحات للحوار، وتبادل الأفكار، وبناء وجهات النظر. هذه الحالة شهدتها مصر فى عقود سابقة، لكنها تراجعت فى العقد الأخير فى ظل تحديات مواجهة الإرهاب، والمخاطر التى واجهت الدولة، والاضطراب السياسى، وجاء الوقت لاستعادتها على نطاق واسع فى سياق فكر مدنى جديد يقوم على التعاون بين الدولة والمجتمع المدنى، وهى حالة نجدها تتزايد فى الفترة الأخيرة فى مجالات التنمية، ونحتاج إلى نقلها بقوة إلى النقاش فى المجال العام.
نقلا عن الشروق