حمدى رزق

لا يمرر وزير الخارجية النشيط الدكتور «بدر عبدالعاطى» لقاء دبلوماسيا أو اجتماعا إقليميا أو دوليا، إلا ويشدد علىمصر الثابت'> موقف مصر الثابت من حتمية اتفاق قانونى ملزم بشأن «السد الإثيوبى» بين دولة المنبع (إثيوبيا)، ودولتى المصب (مصر والسودان).

 

صوت الحق المصرى عال، ولسانه قاطع: «لا تنازل عن قطرة ماء من حصتها التاريخية من مياه النيل»، والحصة محددة باتفاقية دولية منذ عام 1959، والحصة المقررة سلفا من قرن مضى لا تغطى سوى 60% من احتياجات مصر المائية!!.

 

وقالها الوزير عبدالعاطى فى حضرة وزير الخارجية الأمريكى «بلينكن» فى زيارته الأخيرة إلى القاهرة، وكررها فى لقاءاته مع نظرائه على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

لسان مصر: «لا يمكن التفريط فى قطرة مياه واحدة»، و«لا مجال للتهاون أو التنازل أو التساهل بشأنها».

 

الرسالة المصرية وصلت، والرسالة بعلم الوصول إلى الحكومة الإثيوبية التى تجاوزت المدى فى إصرارها على المس بالحقوق المائية (المصرية السودانية) التاريخية فى مياه النيل، وتخطط للمزيد من السدود على النيل الأزرق المصدر الرئيسى لمياه النيل (85% من مياه النيل تنبع من الهضبة الإثيوبية).

 

ولم تدخر مصر وسعا فى المفاوضات طوال عقد من الزمان ويزيد، ورئيس الوزراء الإثيوبى «آبى أحمد» سادر فى غيه، يستهدف تعطيش مصر والسودان، ويبتدر القاهرة والخرطوم العداء، مستغلا انشغال السودان بحربه الأهلية، وغيبة الشرعية الدولية عن القضية المصرية الوجودية.

 

وقدمنا حسن النية وزيادة، قدمنا السبت فى اتفاق المبادئ، لكنهم لم يقدموا (أحد ولا اثنين)، بل نكثوا عن عهودهم ووعودهم المكتوبة والمسموعة والمرئية، ويمارسون اجتراء غير مسبوق، يحكون أنوفا شما، ويلقون بقفازاتهم فى الوجوه!.

 

«لقد طفح الكيل»، «وبلغ السيل الزبى» حتى «لم يبق فى قوس الصبر منزع»، ثلاثة أقوال درج العرب على التلفّظ بها عند نفاد الصبر أو تفاقم الأمور إلى حد لا يمكن السكوت عنه، أو الصبر عليه.

 

وهذا حالنا، واطلاع المؤسسات والعواصم الدولية ومجلس الأمن على النهاية المؤسفة لمفاوضات السد تحت رعاية الاتحاد الإفريقى، الذى يصمت على الأذى الإثيوبى صمت القبور. الوزير عبدالعاطى يحذر بلسان مصر، ولغته تبرهن على نفاد الصبر المصرى، القضية ليست سد النهضة، خطير المخطط الإثيوبى بإقامة سدود أخرى، وكأنه المتصرف الأوحد فى مياه نهر عابر للحدود.

 

مطلوب من مجلس الأمن تدخل حاسم، أن ينفر لاتخاذ قراره بحفظ السلم والأمن فى حوض النيل، لأن الخيارات جميعها مفتوحة، والعواقب وخيمة إذا ما استمرأت إثيوبيا الصمت الدولى على سد النهضة لإقامة سدود جديدة مخططة.

 

كان الله فى عون المفاوض المصرى، صبر جميل على كل هذه النوايا العدوانية، لكن مخزون الصبر استنفد تماما، والنوايا الإثيوبية العدوانية لجر المنطقة لحرب على المياه لم تعد خافية، والنزوع الاستعطافى الإثيوبى، وزعم المظلومية التاريخية، والحق فى التنمية لا تنطلى على عاقل.

 

 

مصر أول من قال بحق الشعب الإثيوبى فى التنمية، ليس على حساب حياة الشعوب عند المصب، والمياه (هبة السماء) فوق الهضبة الإثيوبية، من الوفرة، تكفى وتزيد لإحداث نقلة تنموية عظيمة فى حوض النيل، بالتعاون الثلاثى، والشراكة التنموية، ليس بالإجراءات الأحادية، والاجتراء على حق شعوب المصب فى الحياة.

نقلا عن المصرى اليوم