محرر الأقباط متحدون 
الحراسة والتي هدفها الشخص البشري أولا، والجمال، هذا ما تحدث عنه البابا فرنسيس اليوم خلال استقباله المشاركين في مشروع لمجلس أساقفة إيطاليا بعنون "حراس الجمال".
 
حراس الجمال، هذا عنوان مشروع أطلقه مجلس أساقفة إيطاليا لإشراك الأشخاص المهمشين في تحسين أوضاع المدن ومواجهة التردي. واليوم الاثنين ٣٠ أيلول سبتمبر استقبل قداسة البابا فرنسيس المشاركين في هذا المشروع ووجه إليهم كلمة بدأها معربا عن سعادته للقائهم، ثم وجه التحية إلى الأمين العام لمجلس أساقفة إيطاليا المطران جوزيبي باتوري ورئيس كاريتاس إيطاليا المطران كارلو ريدايلي كما وشكر الأب الأقدس الجميع على حضورهم وأيضا على ما يقومن به من عمل من أجل المدن التي يعيشون فيها.
 
أن تكونوا حراسا للجمال مسؤولية كبيرة، قال البابا فرنسيس لضيوفه، هذا إلى جانب كون هذا رسالة هامة إلى الجماعة الكنسية وإلى المجتمع بأسره. وتابع أنه يريد التأمل حول عنوان هذه المبادرة والذي ليس شعارا بل يشير إلى أسلوب واختيار حياة تسير نحو هدفين كبيرين، الحراسة والجمال.
 
وبدأ الأب الأقدس بالتأمل في فعل الحراسة فقال إنه يعني الحماية والحفظ واليقظة على والدفاع عن، أي أنه فعل متعدد الأشكال يتطلب الانتباه والعناية وذلك لأنه ينطلق من الوعي بقيمة ما أو مَن يوكل إلينا. فمن يحرس يُبقي عينيه مفتوحتين، واصل البابا فرنسيس، ولا يخشى تكريس الوقت وتحمُّل المسؤولية، وذلك في إطار غالبا ما ينشر مفهوم عدم "توسيخ الأيادي" والاعتماد على الآخرين. فعل الحراسة هو أيضا نبوي حسبما واصل الأب الأقدس، وذلك لأنه يدعو إلى التزام فردي وجماعي حيث يمكن لكل فرد، حسب قدراته وكفاءاته وبفطنة القلب، أن يفعل شيئا من أجل حراسة الأشياء وحراسة الآخرين والبيت المشترك في إطار عناية متكاملة بالخليقة.
 
وأراد البابا فرنسيس التذكير في هذا السياق بحديث بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومة عن أن الخليقة جمعاءَ تئن، وتابع الأب الأقدس أن صرخة الخليقة تتحد مع صرخة الفقراء مطالِبةً بشكل ملح بقرارات جادة وفعالة هدفها تعزيز الخير العام وذلك في إطارٍ لا بيئي فقط بل في إطار إيكولوجيا متكاملة. وتحدث البابا هنا عن الكثير من الأشخاص المهمشين والمستبعدين والمنسيين مثل الفقراء والمهاجرين والمسنين والمصابين بإعاقات وأمراض مزمنة، وذكَّر قداسته بأن كل واحد هو عزيز في عين الله. ووجه البابا بالتالي الدعوة إلى المشاركين في هذا المشروع كي يتذكروا دائما خلال تحسين أوضاع مناطق كثيرة تضررت بسبب الإهمال أن الهدف الأول هو حراسة الأشخاص الذين يعيشون في هذه المناطق ويتوجهون إليها.
 
ثم تحدث البابا فرنسيس عن النقطة الثانية، أو بالأحرى القيمة الثانية حسبما قال قداسته، الجمال، فأشار إلى الحديث كثيرا عن الجمال حتى أنه قد أصبح هوسا إلا أنه غالبا ما يُنظر إليه بشكل مشوه وكأنه مجرد نماذج جمالية زائلة وتجانسية ترتبط بمعايير تجارية ودعائية لا بتنمية متكاملة للأشخاص. وتحدث البابا عن مقاربة ضارة لا تساعد على ازدهار أجمل ما في كل إنسان بل تؤدي إلى تردي الإنسان والطبيعة. وأضاف قداسته أنه في حال عدم تعلم التوقف والإعجاب بما هو جميل وتقديره فليس من الغريب أن يتحول كل شيء إلى مجرد مادة للاستخدام والاستغلال بلا رادع. وتابع البابا فرنسيس مشددا على ضرورة تعليم إنماء الجمال كشيء فريد ومقدس خلقه الله ورأى أنه حسن، وباعتباره وحدة لا تنفصل بين النعمة والخير وكمالا جماليا وأخلاقيا. وهذه هي رسالتكم، قال البابا فرنسيس لضيوفه، وتابع مشجعا إياهم على ألا يكلوا عن تحويل القبح إلى جمال والتردي إلى فرص والفوضى إلى تناغم.
 
وفي ختام كلمته إلى المشاركين في مشروع "حراس الجمال" الذي أطلقه مجلس أساقفة إيطاليا تضرع البابا فرنسيس كي يرافقهم ويكون لهم مثلا في عملهم القديس يوسف حارس الأبرع جمالا من بني البشر، الكلمة المتجسد الذي فيه خُلق كل شيء. وأضاف الأب الأقدس أن القديس يوسف بأمانته المتواضعة والعاملة قد ساهم في إعادة الجمال إلى العالم. شكر البابا فرنسيس بعد ذلك الحضور جميعا على ما يقومون به من عمل ومنحهم بركته مؤكدا صلاته من أجلهم، وسألهم قداسته أن يُصلوا من أجله.