كتب - محرر الاقباط متحدون
شارك غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، في الجلسة الافتتاحية الرسمية للدورة الثانية من الجمعية العامّة السادسة عشرة لسينودس الأساقفة الروماني، والتي ترأّسها قداسة البابا فرنسيس، وجاءت الجمعية السينودسية بعنوان "نحو كنيسة سينودسية: شركة، مشاركة، ورسالة"، وذلك في قاعة البابا بولس السادس، في الفاتيكان.
شارك أيضاً في هذه الجلسة أصحاب الغبطة بطاركة الكنائس الكاثوليكية الشرقية، وأعضاء هذه الجمعية العامّة السادسة عشرة للسينودس من أصحاب النيافة الكرادلة، وأصحاب السيادة المطارنة، والكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين والعلمانيات من مختلف أنحاء العالم، وبلغ عددهم أكثر من ٤٦٠ شخصاً، وفي مقدّمتهم أمين السرّ العام لسينودس الأساقفة الروماني نيافة الكردينال ماريو كريك.
ومن الكنيسة السريانية الكاثوليكية، شارك في هذه الجلسة وفي هذا السينودس: الأخت هدى فضّول من رهبانية دير مار موسى الحبشي في النبك – سوريا، والأستاذ سعد أنطي مدير مركز مار أسيا الحكيم في أبرشية الحسكة ونصيبين.
وفي الجلسة الافتتاحية، وبعد الصلاة واستلهام الروح القدس، وجّه قداسة البابا فرنسيس كلمة إلى المشاركين في السينودس، تناول فيها قداسته مسيرة السينودس "منذ أن تمّت دعوة كنيسة الله إلى عقده في تشرين الأول ٢٠٢١، سرنا معاً جزءاً من المسيرة الطويلة التي يدعو الله الآب شعبه إليها دائماً، إذ يرسله إلى جميع الأمم لكي يحمل الإعلان الفرِح بأنّ يسوع المسيح هو سلامنا، ويثبّته في رسالته بروحه القدوس. على هذه الجمعية العامّة أن تقدّم مساهمتها من أجل تحقيق كنيسة تكون سينودسية حقّاً وفي رسالة، تعرف كيف تخرج من ذاتها وتقيم في الضواحي الجغرافية والوجودية، وتحرص على إقامة روابط مع الجميع في المسيح، أخينا وربنا".
وأكّد قداسته أنّ "الروح القدس هو مرشد أمين، ومهمّتنا الأولى هي أن نتعلّم أن نميِّز صوته، لأنّه يتحدّث في كلّ شيء ومن خلال الجميع… الروح القدس يتغلغل في ذلك الجزء منّا الذي غالباً ما يشبه قاعات المحاكم، حيث نضع المتَّهَمين في قفص الاتّهام ونصدر أحكامنا، غالباً بالإدانة… الله يقبل الجميع دائماً، ويمنحهم فرص حياة جديدة، حتّى اللحظة الأخيرة. لهذا يجب علينا أن نغفر للجميع دائماً، مدركين أنّ الاستعداد للمغفرة يولد من خبرة أنّنا قد نلنا المغفرة".
ونوّه قداسته إلى أنّ "الكنيسة – التي هي في تجدُّد دائم – لا يمكنها أن تسير أو تتجدّد بدون الروح القدس ومفاجآته، وبدون أن تسمح بأن تصوغها يدا الله الخالق، الابن يسوع المسيح، والروح القدس… نحن نعرف جمال وتعب المسيرة، ونسيرها معاً كشعب هو، حتّى في هذا الزمن، علامة وأداة للوحدة الحميمة مع الله ووحدة الجنس البشري بأسره. نسيرها مع ومن أجل كلّ رجل وامرأة ذوي الإرادة الصالحة، الذين تعمل فيهم النعمة بشكل غير مرئي. نسيرها مقتنعين بجوهر الكنيسة العلائقي، ونسهر لكي تكون العلاقات التي أُعطِيَت لنا والتي أوكِلَت إلى مسؤوليتنا الخلاقة، على الدوام تعبيراً لمجّانية رحمة الله، وجديرة بالثقة، ومسؤولة".
واعتبر قداسته أنّ "الجمعية العامّة العادية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة، التي بلغت الآن إلى دورتها الثانية، تمثّل بشكل مميَّز هذا "السير معاً" لشعب الله. لقد أثبت الإلهام الذي استمدّه القديس البابا بولس السادس، عندما أنشأ سينودس الأساقفة عام ١٩٦٥، أنّه خصب جداً. خلال السنوات الستّين التي مرّت منذ ذلك الوقت، تعلّمنا أن نرى في سينودس الأساقفة كياناً جماعياً ومتناغماً قادراً على أن يعضد مسيرة الكنيسة الكاثوليكية ورسالتها، ويساعد بشكل فعّال أسقف روما في خدمته لشركة جميع الكنائس والكنيسة ككلّ… السينودس عملية تعلُّم، تتعلّم فيها الكنيسة أن تفهم نفسها بشكل أفضل، وأن تحدّد أشكال العمل الرعوي الأكثر ملاءمة للرسالة التي أوكلها إليها ربّها. تشمل عملية التعلُّم أيضاً أشكال ممارسة خدمة الرعاة، ولا سيّما الأساقفة".
ولفت قداسته إلى أنّه عندنا قرّر أن يدعو "كأعضاء لهذه الجمعية العامّة عدداً كبيراً من العلمانيين والمكرَّسين (رجالاً ونساءً)، والشمامسة والكهنة، قمنا بذلك بما يتماشى مع فهم ممارسة الخدمة الأسقفية الذي عبّر عنه المجمع الفاتيكاني الثاني: إنّ الأسقف، المبدأ والأساس المرئي لوحدة الكنيسة الخاصّة، لا يمكنه أن يعيش خدمته إلا في شعب الله، ومع شعب الله، متقدّماً، وفي وسط، وخلف ذلك القسم من الشعب الذي أُوكِل إليه...
إنّ الأمر بالتأكيد لا يتعلّق باستبدال الأسقف بالآخرين تحت شعار "الآن دورنا!"، بل يُطلَب منّا أن نمارس معاً فنّاً سيمفونياً، في تركيبة توحِّد الجميع في خدمة رحمة الله، وفقاً للخدمات والمواهب المختلفة التي تقع على عاتق الأسقف مسؤولية التعرُّف عليها وتعزيزها… مع احترام وديعة الإيمان والتقليد الحيّ، من خلال الإجابة على الدوام لما يطلبه الروح من الكنائس في هذا الزمن وفي السياقات المختلفة التي تعيش فيها"
وختم قداسته كلمته سائلاً "الروح القدس، الذي يجعل الكنيسة أمينة على الدوام لوصية الرب يسوع المسيح وفي إصغاء دائم إلى كلمته، والذي يقود التلاميذ إلى الحقّ كلّه، أن يقودنا نحن أيضاً،المجتمعين في هذه الجمعية العامّة، لكي نجيب بعد ثلاث سنوات من المسيرة على السؤال "كيف نكون كنيسة سينودسية مُرسَلة؟". بقلوب مليئة بالرجاء والامتنان، ومدركة للمهمّة المُلزمة التي أُوكِلَت إليكم وإلينا، نتمنّى أن ينفتح الجميع باستعداد على عمل الروح القدس، مرشدنا الأمين، ومصدر تعزيتنا".
وبعد هذه الجلسة الافتتاحية، بدأت جلسات السينودس التي ستستمرّ بشكل يومي، صباحاً ومساءً، لتنتهي بقداس ختامي يترأّسه قداسة البابا صباح الأحد ٢٧ تشرين الأول الجاري.