حمدى رزق 

أمس، عدتُ مجددا لمشاهدة فيلم Golda، وبنفس الانطباعات أكتبها مجددا، إذا تريد مشاهدة عظمة نصر أكتوبر من الجانب الآخر، نصيحة شاهد فيلم Golda، ومع كلمة النهاية ستردد فى سرك Thank you for your cooperation، بالعربية «نشكر لكم حسن تعاونكم».

 

صناع الفيلم أبدعوا أيما إبداع فى تجسيد الهزيمة المذلة التى حاقت بجيش الدفاع الإسرائيلى فى حرب أكتوبر 73، ارتسمت المذلة والمهانة والانسحاق على وجوه قادة إسرائيل ومحل فخرها، الهزيمة النكراء ظلت مرسومة على وجه «جولدا مائير» طوال الفيلم الذى يختصر أحداث (18 يوما) من الذل والهوان الإسرائيلى.

 

الدموع المتحجرة لم تغادر عينى جولدا، وصفًا مقهورة، مذبوحة بسكين، نازفة حتى نزفت الدماء من حلقها، وهى ترى الفشل مجسدا على وجه وزير دفاعها الشهير «موشيه ديان» يطل من عينه الوحيدة، وانهياره وانسحابه مستقيلا يجرجر أذيال خيبته.

 

88 دقيقة من المحتوى الرمادى، الفيلم بألوان كئيبة، كآبة حال إسرائيل فى أتون الحرب، كانت أياما سوداء على الصهاينة، 18 يوما من العار، والبكاء والعويل، والاستغاثة المذلة لحدود التسول من الأمريكان.

 

وقمة الانتصار المصرى، وعظمته، وجولدا تسمع بأذنيها بكاء جنودها المنسحقين على الجبهات وفرارهم كالجرذان أمام جنود السماء، وتدون فى مفكرتها الصغيرة بيد متيبسة وبخط ركيك، أعداد القتلى والجرحى والأسرى، وكل ثانية تمر عليها علقم، أمرّ من المرار من سابقتها.

 

جولدا تمنت الموت خلاصا، وأوصت سكرتيرتها بنحرها حتى لا تساق أسيرة إلى مذبح السادات فى القاهرة، جولدا عنوان الهزيمة، الهزيمة اسمها جولدا، عاشت المأساة وهى تقاسى سرطانًا مستشريا فى الغدد اللمفاوية، استلزم علاجات مضنية، قاومت السرطان واقفة على قدميها منتعلة حذاءها الشهير «حذاء جولدا».. خلعته يأسا كادت تقذفه فى وجه ديان!.

 

سيدة حديدية، مرضها الحقيقى كان الله يرحمه الأسطورة المصرية «السادات»، كان شبحها المخيف، وتمنت لو امتد بها العمر لخنقته بيديها عاريًا، لكنها فى نهاية الفيلم مضطرة.. مازحته وأهدته هدية لحفيدته.

 

‏Golda كفيلم أفضل دعاية لنصر أكتوبر، فشل فى تبرير الهزيمة، جسدها، فشل بامتياز فى توليف نصر مزيف، المحتوى كاشف، والصورة فاضحة، وجولدا تتجرع الهزيمة مع حبوب السرطان.

 

‏Golda فى التوصيف فيلم دعائى لإسرائيل، لكنه لم يستطع تغيير الوقائع على الأرض، حقيقة الكارثة التى حلت بإسرائيل يوم كيبور، دعك من تضخيم ما يسمى «الثغرة»، قليل من مساحيق التجميل على وجه جولدا المتغضن، جولدا تعترف بالعجز والهزيمة، تزعق فى قادة الاحتلال المنكسرين، السادات قادم إلى القدس، تخشى أن تعرض على الشاشات كأسيرة حرب فى القاهرة.

 

مشهد جولدا وهى مرمية كجثة هامدة على الأرض وحيدة باردة الأطراف ودموعها جامدة فى عينيها من قسوة الهزيمة، رهيب والله رهيب.

 

فيلم Golda يقوض أسطورة «موشيه ديان»، يرسمه على حقيقته، مغرورا ثم مذهولا، فمهزوما، خرج من اجتماع جولدا يجر أذيال الخيبة، ويتدارى وراء عصابة عينه السوداء، حتى «أرئيل شارون»، فى مشهد اغتصاب قطعة من كيكة جولدا خفية، يشى بحقارة هذه الشخصية التى كرهها حتى الإسرائيليون.

 

شاهدوا فيلم Golda لتعرفوا عظمة الجيش المصرى الذى أذل سيدة إسرائيل الحديدية وأعناق قادتها التاريخيين.. لولا نفرة اليهودى «هنرى كيسنجر» لنجدة جدته جولدا لكان للتاريخ وجه آخر غير وجه «نتنياهو» الكريه.

نقلا عن المصرى اليوم

 

 

 رأي