ياسر أيوب
الأزمة الكروية الحالية فى كوريا الجنوبية لا تعرفها البلدان التى تدير الكرة فيها اتحادات ضعيفة لا تستقل بقراراتها، ولا تملك رؤاها الخاصة لشؤون اللعبة وأفضل السبل لإدارتها وتطويرها.. ولا تعرفها أيضا البلدان التى يدير الرياضة فيها مسؤولون لا يتدخلون فى أمور فنية خاصة بأى لعبة واتحاد ولا يشغلهم ويعنيهم إلا مراقبة الأداء المالى ومحاربة أى فوضى وفساد.

لكن لا تملك كوريا الجنوبية اتحادا ضعيفا ومستسلما ولديها فى المقابل وزير للرياضة لم يرض عن تعيين المدير الفنى للمنتخب الوطنى الأول لكرة القدم.. وكان الاتحاد الكورى الجنوبى قد قام بتعيين هونج ميونج بو لقيادة المنتخب خلفا للألمانى يورجين كينسمان.. وهو التعيين الذى رآه يو إن شون، وزير الثقافة والرياضة والسياحة، اختيارا يشوبه الغموض وتحيط به شكوك وتساؤلات ولابد من إلغاء هذا التعيين وإعادة عملية الاختيار وفق القواعد التى تضمن الشفافية والمستقبل الأفضل لكرة القدم فى كوريا الجنوبية.

ولم يقبل اتحاد الكرة ما قاله ولايزال يقوله وزير الرياضة، وأكد الاتحاد برئاسة شونج مونج جيو أن تعيين هونج ميونج بو مديرا فنيا للمنتخب تم بمعايير واضحة وسليمة دون أى مخالفات وتجاوزات.. وأن هذا الاختيار يبقى حقا أصيلا لاتحاد كرة القدم ولا تملك وزارة الرياضة والحكومة كلها حق التدخل فى هذا الأمر بأى شكل.. واستعان الاتحاد الكورى الجنوبى بالمادتين ١٤ و١٩ من قانون الفيفا اللتين يمكن اختصارهما فى أن أى اتحاد محلى يملك كل الحق والسلطة فى إدارة مختلف شؤونه بشكل مستقل ولا يملك أى طرف آخر حق التدخل والمشاركة وإلا ستكون هناك عقوبات من الفيفا قد تصل إلى الإيقاف وتجميد النشاط.

ولم يستسلم وزير الرياضة، وأكد، منذ يومين، أن موقفه لم ولن يتغير وسيبقى رافضا تعيين المدير الفنى للمنتخب دون أن يشرح بالضبط ما هى أسبابه.. واستدعى الأمر تدخل البرلمان وتشكلت لجنة برلمانية للاستماع سواء للوزير أو اتحاد الكرة.. والفارق الوحيد بين ما يجرى حاليا فى كوريا الجنوبية وما جرى مؤخرا فى إسبانيا وإيطاليا هو عدم الوضوح.. فحين قررت الحكومة الإسبانية تشكيل لجنة تشرف وتراقب اتحاد الكرة كانت لديها أسبابها المعلنة والواضحة والمحددة والمقنعة أيضا، وكذلك الحكومة الإيطالية أيضا.

ورغم تحذيرات الفيفا للحكومتين الإسبانية والإيطالية إلا أن سلامة الإجراءات الحكومية وتحديد وإعلان المخالفات التى استدعت هذا التدخل جعلت الفيفا يقبل ما جرى دون أى استياء واحتجاج وعقوبات.. ويسهل بالطبع القول بأن إسبانيا وإيطاليا من البلدان القوية التى لا يعاقبها الفيفا بعكس الحال مع كوريا الجنوبية.. لكن الحقيقة أن الارتباك وعدم الحديث بشفافية ووضوح وصراحة كاملة هما اللذان يصنعان الأزمة وليس الفيفا.
نقلا عن المصرى اليوم