تستعد أستراليا ونيوزيلندا لوصول سلالة مدمرة من إنفلونزا الطيور إلى البلاد، من خلال تشديد الأمن البيولوجي في المزارع واختبار الطيور الساحلية، بحثًا عن المرض وتطعيم الأنواع المعرضة للخطر ووضع خطط للاستجابة للأزمة.
وتعد أوقيانوسيا هي المنطقة الأخيرة في العالم الخالية من فيروس إنفلونزا الطيور من سلالة (2.3.4.4b) من فيروس "H5N1" الذي أدى لنفوق مئات الملايين من الطيور وعشرات الآلاف من الثدييات منذ ظهوره في آسيا وأوروبا وإفريقيا في عام 2020.
في حين أن المنطقة محمية إلى حد ما بجغرافيتها- فهي بعيدة عن طرق هجرة الطيور الكبيرة مثل الأوز التي تنشر العدوى- إلا أن الفيروس قريب، حيث وصل إلى إندونيسيا في عام 2022 والقارة القطبية الجنوبية العام الماضي.
وأكد العلماء والمسئولون، أن هناك خطرًا أعلى، وخاصة في أستراليا، من إمكانية وصول الفيروس مع الطيور المهاجرة الأصغر حجمًا على الشاطئ خلال أشهر الربيع في نصف الكرة الجنوبي من سبتمبر إلى نوفمبر.
وقالت مفوضة الأنواع المهددة بالانقراض في وزارة البيئة الأسترالية فيونا فريزر: "من الواضح أنه يشكل تهديدًا للنظم البيئية في بلدنا".
وأضافت: "لا يوجد العديد من أنواعنا في أي مكان آخر في العالم. قد تواجه الأنواع المعرضة للخطر انتكاسات طويلة الأمد في أعدادها وزيادة خطر انقراضها".
وتستعد أستراليا لاحتمال وصول هذا الفيروس الخطر إليها، لأنه كما أوضحت كبيرة مديري البرامج في مؤسسة الحياة البرية في استراليا الدكتورة سيمون فيتالي لموقع "نيوز.كوم" الإخباري الأسترالي حتى إن لم يحدث ذلك بعد، إلا أننا لا نستطيع منعه للأبد.
وقالت فيتالي، إنهم لم يروا من قبل سلالة خطيرة مثل (2.3.4.4b)، من حيث تأثير وتنوع الأنواع المصابة.
ويخشى المسئولون من حدوث وفيات جماعية؛ بسبب إنفلونزا الطيور وحتى انقراض أنواع منها بما في ذلك أسود البحر المهددة بالانقراض والبجع الأسود والعديد من أنواع الطيور البحرية، وخسارة ملايين الدواجن التي يتم تربيتها في المزارع.
ووفقًا لمجلس العلاقات الخارجية، وهو مؤسسة بحثية أمريكية، فقد نفقت أكثر من 100 مليون دجاجة وديك رومي أو تم إعدامها في الولايات المتحدة وحدها بسبب سلالة (H5N1)، مما تسبب في خسائر اقتصادية تصل إلى 3 مليارات دولار بحلول نهاية العام الماضي.
وأدى الفيروس لنفوق حوالي 50 ألف فقمة وأسود بحر وأكثر من نصف مليون طائر بري أثناء انتقاله عبر أمريكا الجنوبية بدءًا من عام 2022. كما أصاب الماشية في الولايات المتحدة، وفي حالات نادرة، البشر. ويقول مسئولو القطاع الصحي إن الخطر على البشر منخفض.
وقالت كبيرة مسؤولي الطب البيطري بوزارة الصناعات الأولية في نيوزيلندا ماري فان أندل، إن من غير المرجح أن تتجنب نيوزيلندا الفيروس على المدى الطويل. وأضافت: "لقد حمانا العزل الجغرافي من إنفلونزا الطيور شديدة العدوى في الماضي، ولكن لا يمكننا الاعتماد عليه إلى الأبد".
أنشأت أستراليا فريق عمل عبر الإدارات الحكومية واختبرت استعداداتها في أغسطس وسبتمبر بسلسلة من التدريبات، التي تحاكي تفشي فيروس (H5N1) في الحياة البرية.
واختبرت نيوزيلندا لقاحاً على خمسة طيور محلية مهددة بالانقراض، وقالت إنه يمكن اختباره على المزيد من الأنواع.
وقالت المستشارة العلمية في إدارة الحفاظ على البيئة في نيوزيلندا "كيت ماكينيس": "نحن متخوفون للغاية بشأن هذه الأنواع الخمسة، لأن الخطر الذي يهددها بفقدان أفرادها المتكاثرين يعني أننا قد نفقد هذه الأنواع".
وأشار مسئولون إلى أن أستراليا تعمل أيضاً على تطوير خيارات لتطعيم الطيور البرية المهددة بالانقراض المحتجزة في الأسر.
وأوضح مسئولون في الصناعة من كلا البلدين أن المزارع تعمل على تعزيز تدابير الأمن الحيوي بما في ذلك الحد من إمكانية اختلاط الدواجن مع الطيور البرية، ومراقبة حركة الموظفين، وتعقيم المياه والمعدات، وتركيب أنظمة آلية للكشف عن الطيور البرية.
وبينما شهدت أستراليا تفشي سلالات شديدة الضراوة من إنفلونزا الطيور بين قطعان الدواجن، بما في ذلك في وقت سابق من هذا العام، إلا أنها كانت سلالات أقل ضراوة ولم تنتشر بين الطيور البرية.
ولم تواجه نيوزيلندا قط إنفلونزا الطيور شديدة الضراوة. وقد نظمت رابطة صناعة الدواجن فيها رحلات إلى كل من أستراليا وبريطانيا للتعلم من المزارع هناك.
وقال مايكل بروكس المدير التنفيذي لرابطة صناعة الدواجن في نيوزيلندا: "كنا في زمن السلم. بصراحة، نحن الآن نتجه إلى زمن الحرب".
لقد كان لدى أوقيانوسيا وقت أطول من المناطق الأخرى للاستعداد لوصول فيروس (H5N1)، ولكن في حين يمكن لصناعة الدواجن أن تغلق أبوابها، فإن الطيور البرية لا يمكن احتواؤها.
وأوضح برانت سميث، المسئول بوزارة الزراعة الأسترالية المشرفة على استجابة البلاد بشأن الفيروس: "لقد تعلمنا الكثير من الطريقة التي انتشر بها المرض في جميع أنحاء العالم، لقد عززنا استعداداتنا قدر استطاعتنا، لكن كل قارة شهدت أحداث نفوق ضخمة في الحياة البرية، ومن المرجح أن نرى حدوث هذا هنا أيضًا".