ياسر أيوب
المنصورة وطنطا والسويس وأسوان وديروط.. خمس مدن مصرية كل منها خسرت مباراتها الأولى فى دورى المحترفين الذى بدأ الإثنين الماضى.. خسارة أولى فى مشوار طويل قد ينتهى ببطولة وانتصار تتأهل به مدينة أو أكثر للدورى الممتاز.. لكن الحكاية الحقيقية هى أزمة كروية قاسية تعيشها هذه المدن ومدن مصرية أخرى غيرها منذ سنين طويلة..
وباستثناء القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية وبورسعيد والمحلة.. لم تحقق المدن المصرية نجاحات كروية كثيرة ودائمة واعتاد مسؤولو الكرة فى هذه المدن منذ أكثر من خمسين عاما تفسير ذلك بقلة المال والإمكانات.. ولا يكذب هؤلاء المسؤولون فيما يخص قلة المال، لكنهم طيلة السنين الماضية لم يبحثوا عن أى حلول بديلة حقيقية وغير تقليدية.. ظلت الإدارات المتعاقبة طول الوقت تنتظر دعما من محافظ أو رجل عمل أو مستثمر مؤقت أو لاعب يتألق يتم بيعه لأحد الأندية الكبرى..
ومع قلة المال أضاف المسؤولون سببا ثانيا هو أندية شركات لم يعد باستطاعتهم مواجهتها أو منافستها.. وباتت أحوال هذه الأندية ظاهرة كروية غير مسموح حتى الآن بمناقشتها بشكل واقعى وحقيقى وكامل.. فهل كان أحد الأسباب هو تقسيم مصر الكروية إلى أهلى وزمالك ففقدت هذه المدن أى انتماء لأندية باتت تلقى التشجيع بالمصادفة أو عند مواجهة الأهلى والزمالك، فلم يكن هناك مجال لأى رعاة محليين صغار.. أم كان خطأ إدارات متتالية لم تعترف بواقعها واختارت منهج الأندية الغنية إلى حد التعاقد مع محترفين أفارقة ومدربين عرف معظمهم الشهرة وليس النجاح..
وربما كان السبب الأهم هو عدم الرهان على الانتماء لمدينة وأهل.. وأتوقف أولا أمام ما جرى فى 29 يونيو 1950 حين فاز عمال وموظفون هواة وفقراء أمريكيون فى كأس العالم على الإنجليز بقيادة النجم ستانلى ماتيوز..
واعتبرها كثيرون أولى مفاجآت الكرة الكبرى مقابل من رأوها أول دليل حقيقى على أن الكرة ليست فقط لعبة أغنياء ومشاهير.. وأصبح النجاح الكروى بعدها ممكنا حتى بدون الكثير من المال.. ومع احترام الذين يؤكدون أن الكرة لم تعد تعرف هذه المشاعر والأفكار الساذجة وتنحاز فقط لمن يملك المال..
لايزال العالم الكروى حتى الآن يشهد بسطاء وفقراء ينتصرون فقط بمشاعر ودوافع الحب والانتماء.. ولم تحاول أى مدينة التفتيش عن أولادها الموهوبين والاعتماد عليهم باعتبارها لا تنافس على بطولة ولا مكان لمعظمها فى دورى الأضواء.. أولاد سيلعبون بدوافع انتماء وبحث عن نور ومستقبل بدلا من استيراد محترفين من أندية وبلدان أخرى.. وقد يصبح بعض هؤلاء الأولاد صفقات تأتى بأرباح حقيقية من أندية غنية.. لكن ستبقى الأزمة طالما بقى نفس الفكر والاستسلام للعجز.
نقلا عن المصرى اليوم