حسن المستكاوي
** لأن الدورى المصرى يملك سوقا منتشرة فى الإقليم بسبب وجود مشجعين للفرق المصرية وخاصة الأهلى والزمالك، كنت أرى دائما أننا لا نجيد تسويق هذا المنتج، لا سيما أن الدوريات الكبرى فى أوروبا، وكذلك أندية القمة فى القارة، تحولت منذ سنوات طويلة إلى شرق أسيا، وأمريكا الشمالية لتسويق الدوريات، من جهة، ولتسويق الأندية لمنتجها من جهة أخرى . فكلما زادت مساحة الشعبية ارتفعت قيمة المنتج والرعاية.
** أطالب بتسويق الدورى والأهلى والزمالك منذ سنوات، وفى عام 2016 تناولت هذا الأمر فى مقال طويل ، وكان بعنوان: «كيف نبيع الأهلى والزمالك؟» وأكدت أن الناديين مبارياتهما هى «أل كلاسيكوس دوس كلاسيكو» فى المنطقة العربية والإقليم منذ أكثر من نصف قرن، فكيف نعزل الكرة المصرية، ونعزل هذا الديربى فى المحلية؟!
** سعدت بإعلان سيف الوزيرى نائب رئيس الشركة المتحدة للرياضة، «أنه من الوارد أن يتم نقل مباراة الأهلى والزمالك فى الموسم المقبل للسعودية. وجاء ذلك فى تصريحات لقناة الأهلى، موضحا أن التفاصيل سوف تعلن قريبا بجانب إعلان الجدول النهائى لمسابقة الدورى». وأتوقف لحظة هنا أمام التصريح لأن تلك جزئية مهمة فى عمليات التسويق لمنتج الكرة المصرية، فكيف تشترى قنوات المنتج أو مباراة دون معرفة المواعيد؟
** وقال سيف الوزيرى أيضا: «نعمل على أن تكون هناك مباريات أخرى بخلاف القمة، كما تلقينا عروضا لاستضافة مباريات من الدورى أو مباريات ودية من دول لم نلعب عندها من قبل مثل العراق، وأضاف: بدأنا فى تسويق الدورى المصرى فى أمريكا وأوروبا وأستراليا».
** تلك خطوات طال انتظارها، وهى تسير مع العصر، أو أخيرا هى تمضى مع العصر الذى سبقنا، مع أن الأندية المصرية الكبيرة والرائدة، سبق لها السفر إلى الدول العربية والاوروبية، ومنها الأهلى والاتحاد السكندرى فى عشرينيات القرن الماضى، وكان السفر إلى تركيا وفلسطين تحديدا، كما لعب الأهلى والزمالك بعض المباريات فى الدول العربية لاسيما الخليج، كما لعب الناديان العديد من المباريات مع فرق أجنبية فى القاهرة، مثل وستهام وبنفيكا وديربى كاونتى، ومونشين جلاباخ وريال مدريد، وسانتوس وكذلك بدأ الإسماعيلى جولات عربية فى الستينيات، واكتسب شعبية عربية كبيرة فى ذاك الوقت لاسيما أنه كان الفريق المصرى الوحيد فيما بعد حرب 67 الذى يمارس نشاط كرة القدم ويشارك فى بطولات إفريقيا.. فأين نحن الآن من كل هذا؟!
** حتى هذه اللحظة، نحن بعيدون جدا. ولا نتحدث اللغة نفسها، ولا نعرفها. وأهدرنا عشرات الفرص للحاق بالعالم . مع أن الشواهد تؤكد أن منتج الكرة المصرية له شعبيته وجماهيره محليا وإقليميا. ومن الإنصاف القول إن النقل التليفزيونى تغير وتطور، فلا كاميرات تلاحق رؤساء الأندية وتبحث عنهم فى المقصورة، ولا كاميرات تلاحق الاصدقاء والأهل والأحباب.. ناهيك عن مستوى الكاميرا وتقنيتها المرتفعة.. وهذا البث التليفزيونى يترجم إلى أموال فى التقييم لأى حدث رياضى..
** حين كتبت مقال: كيف نبيع الأهلى والزمالك؟ تعامل بعض القراء مع العنوان دون قراءة النص والمضمون، وتعالت صيحات من نوع كيف نبيع الأهلى والزمالك. هما ليسا للبيع. وهذا حقيقى. وإنما كيف نجعل من أكبر ناديين فى الشرق الأوسط ومن الدورى الصرى منتجا له قيمة مادية وأدبية هائلة؟ كيف نعلى من القيمة التجارية للناديين وللأندية وللدورى المصرى؟ كيف يتم تسويق الأهلى والزمالك كما سوقت إسبانيا كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة الذى كان يتابعه فى المباراة الواحدة ما يقرب من 400 مليون مشاهد عبر شاشات التليفزيون؟
** الآن نحن أمام خطوة تسير بجوار العصر. وتلحق بالعصر، وتنمى منتج الكرة المصرية . ويبقى أن يرتفع مستوى التنافسية رياضيا وفنيا وفكريا، ويكون فى إطار ثقافة جديدة، تحتفل بالبطل والفائز، وتشد على يد المهزوم . فلم يعد فى العالم كله «ركل الكرة بالأفواه كما نلعبها!»
نقلا عن الشروق