د. ممدوح حليم
أتعاطف بشدة مع إسماعيل بن إبراهيم من جارية زوجته سارة. لقد طال الوقت بعد ولادته دون أن تحمل سارة ، لكن بعد ١٤ سنة كان لسارة ولد هو اسحاق. مما جعلها تسترد كبرياءها أمام جاريتها هاجر. وبدا واضحا أن سارة ستسعى حثيثا إلى التخلص من الجارية وابنها، فلم يعد لوجودهما ضرورة. ويتضح من الأحداث أن شخصيتها تتسم بالقوة مع قدر من القسوة.
تعال نرى ما قاله الكتاب المقدس، في سياق هذه الأحداث....
٩ ورأت سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لإبراهيم يمزح، ١٠ فقالت لإبراهيم: «اطرد هذه الجارية وابنها، لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحاق». ١١ فقبح الكلام جدا في عيني إبراهيم لسبب ابنه. ١٢ فقال الله لإبراهيم: «لا يقبح في عينيك من أجل الغلام ومن أجل جاريتك. في كل ما تقول لك سارة اسمع لقولها، لأنه بإسحاق يدعى لك نسل. ١٣ وابن الجارية أيضا سأجعله أمة لأنه نسلك». ١٤ فبكر إبراهيم صباحا وأخذ خبزا وقربة ماء وأعطاهما لهاجر، واضعا إياهما على كتفها، والولد، وصرفها. فمضت وتاهت في برية بئر سبع. ١٥ ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار، ١٦ ومضت وجلست مقابله بعيدا نحو رمية قوس، لأنها قالت: «لا أنظر موت الولد». فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت. ١٧ فسمع الله صوت الغلام، ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها: «ما لك يا هاجر؟ لا تخافي، لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. ١٨ قومي احملي الغلام وشدي يدك به، لأني سأجعله أمة عظيمة». ١٩ وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء، فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام. ٢٠ وكان الله مع الغلام فكبر، وسكن في البرية، وكان ينمو رامي قوس. ٢١ وسكن في برية فاران، وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر. (التكوين ٢١: ٩-٢١)
لقد رأت سارة إسماعيل ابن جاريتها يمزح مع ابنها اسحاق. وبالرجوع إلى الترجمات العربية والإنجليزية المتعددة ، نجد أن الفعل المترجم هنا يمزح يمكن ترجمته أيضا إلى : يلعب، يضحك، يستهزئ، يسخر. لقد انتهزت سارة الفرصة لكي تتخلص من الجارية وابنها.
كان إبراهيم رجلاً طيباً ، وكان من الواضح أن سارة هي التي تدير البيت. لقد استاء إبراهيم من طلب سارة أن يطرد هاجر مع ابنها وابنه إسماعيل إلى قارعة الطريق. لكن الله طيب خاطر إبراهيم ، إذ قال له:
١٢ : «لا يقبح في عينيك من أجل الغلام ومن أجل جاريتك. في كل ما تقول لك سارة اسمع لقولها، لأنه بإسحاق يدعى لك نسل. ١٣ وابن الجارية أيضا سأجعله أمة لأنه نسلك». (التكوين ٢١: ١٢، ١٣)
لقد ترسب في نفس إسماعيل شعور عميق بالرفض من والده، كما تألم لبكاء أمه المسكينة ، مع تمتع اخوه اسحاق بكل مزايا الأبوة من أبيه ابراهيم ودفء الأسرة مع الميراث وكان ابراهيم غنيا.
إن اسحاق هو جد اليهود / الاسرائيليين، وإسماعيل هو جد العرب. وهذه المرارة القديمة تفسر جزئيا العداء والصراع العربي الإسرائيلي الذي تدور رحاه بعنف هذه الأيام. وللحديث استكمال.