الاب جون جبرائيل
يُعَد «توما الأكويني» (وُلد ١٢٢٥م أو ١٢٢٦م، ومات ١٢٧٤م) أعظم الفلاسفة الاسكولائيين جميعًا؛ ففلسفته تُدرس في جميع المعاهد التعليمية الكاثوليكية التي تعلِّم الفلسفة، باعتبارها الفلسفة الوحيدة الصحيحة. وكانت هذه هي القاعدة منذ أصدر «ليو الثالث عشر» أمره بذلك في عام ١٨٧٩م، وعلى ذلك فليست تقتصر أهمية «القديس توما» على الجانب التاريخي منه، لكنه إلى جانب ذلك ذو أثر حي، كأفلاطون وأرسطو وكانْت وهيجل، بل إنه في الحقيقة أبلغ أثرًا من الأخيرَين. وهو في معظم الموضوعات يأخذ برأي أرسطو أخذًا أمينًا، حتى لقد أصبح «الاستاجيري» (يعني أرسطو) معدودًا بين الكاثوليك واحدًا من «الآباء» أو يكاد، وبات في رأيهم أن نقده في أمور الفلسفة الخالصة يقرب جدًّا من الكفر في الدين،١ ولم يكن هذا يَصدُق دائمًا؛ فالمعركة التي كانت قائمة للدفاع عن أرسطو في عهد «الأكويني» — في مقارنته بأفلاطون — كانت لم تَنتهِ بعدُ إلى نصر حاسم، وجاء «الأكويني» بنفوذه فظفر لأرسطو بالنصر الذي دام حتى عصر النهضة، وبعدئذٍ استعاد أفلاطون سيادته في رأي معظم الفلاسفة؛ إذ عرفه رجال النهضة أكثر مما عرفته العصور الوسطى، وكان مستطاعًا للإنسان في القرن السابع عشر أن يكون أرثوذكسيًّا وتابعًا من أتباع ديكارت في آن واحد، ودليل ذلك أن «مالبرانش» — مع أنه قسيس — لم يوجَّه إليه اللوم أبدًا.


برتراند راسل،
تاريخ الفلسفة الغربية (الكتاب الثاني): الفلسفة الكاثوليكية،
ترجمة زكي نجيب محمود  مراجعة أحمد أمين

الكتاب كاملًا بالعربيّة:
https://www.hindawi.org/books/20514849/