د. وسيم السيسي
قرأت مقال الأستاذ فاروق جويدة فى الأهرام عن الشاعر المسرحى الموهوب صلاح عبدالصبور، وعرفت من المقال أن صلاح عبدالصبور مات بسبب كلمة جارحة من أحد أصدقائه!، وفى رسائل متبادلة بينى وبين الأستاذ فاروق جويدة بخصوص هذا الموضوع قال: لا عجب أن الكلمة تقتل، فهذا العالم كله جاء بكلمة من الله.

هو ذا هيرمان شوارتز فى كتابه: Art Of Relaxation أى فن إراحة الأعصاب أو فن الاسترخاء، وفيه يقول إن حياتك مرهونة بشبكة دورتك الدموية من شرايين وشعيرات دموية، وما يصيبها من انسداد أو انفجار، وهذه الشبكة محكومة بشبكة من الأعصاب، التى هى بدورها محكومة بالمخ، فإذا ارتاح المخ من التوتر، القلق، الحقد، الغضب، الخوف، ارتاحت الأعصاب وبالتالى شبكة الأوعية الدموية، فتكون الصحة وطول العمر، ويضع المؤلف أسبابًا أخرى كعامل الوراثة، ولكنه يُنهى كتابه بالآتى: كل ابتسامة تبتسمها تضيف إلى عمرك يومًا، وكل ضحكة من أعماق قلبك تضيف إلى عمرك أسبوعًا، وكل دمعة تذرفها تمسح من عمرك يومًا، وكل دمعة تحبسها تقصف من العمر شهرًا.

فى مستشفى أدنبروك كمبردج، كانت سهرة مع مجموعة من الأطباء والطبيبات، تناولنا موضوع أثر الحالة النفسية على جهاز المناعة، كانت معنا زميلة تُدعى د. كاثلين شبرد، عادت إلى منزلها فى ساعة متأخرة، ثانى يوم، مرت علينا، قلنا لها: فنجان شاى؟، قالت ضاحكة: هيرمان شوارتز No Tea, No Coffe, No وهو مؤلف كتاب فن إراحة الأعصاب السابق ذكره!.

وأضافت: زوجى قال لى: هؤلاء الأطباء سوف يُفسدون علينا حياتنا الزوجية!.

سألنى أحد الأصدقاء: ما شعارك فى الحياة؟، قلت: «الحب هو الحل»، فلا ينجح حاكم مع شعبه، ولا طبيب مع مرضاه، ولا زوج مع زوجته، ولا أب مع أولاده، ولا جار مع جيرانه، ولا مدرس مع تلاميذه إلا بالحب!.

بالحب يفرز الجسم سيروتنين «هورمون السعادة»، والأمفتامين المانع للإفراط فى الطعام، «من أسباب السمنة غياب الحب»، والـP.E.A التى تجعلنا نحس أننا نسير فوق السحاب، إندروفين «مادة تشبه المورفين» تجعلنا نتحمل أى شىء من أجل المحبوب.. إلخ.

لى ابنة عم تعليمها متوسط، حادة الذكاء، سريعة البديهة، خفيفة الظل، يرحمها الله، سألها زوجها يومًا: هل أحببتِ أحدًا قبلى؟، قالت: كيف أحبك إن لم أكن أحببت من قبل؟، سألها: مَن؟، قالت ضاحكة: تقصد كم؟. أخيرًا قالت بلهجة جادة: اللى ما يحبش يبقى جبان!.

أقرأ بعد ذلك للفيلسوف شوبنهاور: الحب يحتاج إلى شجاعة خلقية لأنه خروج عن الذات، واندفاع نحو الآخر!. نفس المعنى الذى وصلت إليه بنت العم. أقام تحوتمس الثالث الإمبراطورية المصرية على الحب، تكالب عليه ٣٣٠ زعيمًا، هزمهم جميعًا فى ١٧ معركة، لم يقتل واحدًا منهم، تركهم على ممالكهم بعد أن أقسموا يمين الولاء لمصر، وأخذ بعض أبنائهم لمصر حتى يُمصرهم حبًا فى مصر، وعند وفاة الأب يرسل ابنه حاكمًا من بعده!. قارن هذا بالجزارين الذين يُعرضون أنفسهم وأبناءهم وأحفادهم للانتقام عشرات السنين، إنه الفرق بين الحضارة والبداوة، العَمار والدمار، الحياة والموت.
نقلا عن المصرى اليوم