كتب - محرر الاقباط متحدون
وجه المفكر والطبيب خالد منتصر رسالة بعنوان " تريدونه ديناً تسلطياً ونريده ديناً انسانياً"، وذلك عبر حسابه على فيسبوك، وجاء بنصها :
يكفروننا حين ننتقد سماسرة السماء من رجال الدين والدعاة الذين سمموا آبار حياتنا، ويتهموننا بأننا نريد أن ننزع الدين من المصريين، وهذا وهم كبير،وكذب مفضوح، وهذا وضحه العالم النفسي الشهير الذي أعشق كتاباته اريك فروم في كتابه عن الدين والتحليل النفسي.
فالمسألة ليست اختياراً بين دين أو لادين بل هى أى نوع من الدين، هل هو الدين الذى يكشف عن قوانا الإنسانية، أم الذى يصيب تلك القوى بالشلل؟ كيف لانعيشه كعصاب جماعى لطفولة الجنس البشري، ونعيشه كلحظات فرح إنسانى بالحياة ، وهنا وضع فروم الفروق الرئيسية بين ما أطلق عليه الدين الإنساني، والدين التسلطى ، ولخص النجاح والحل فى أن يتغلب المفهوم الإنسانى أو الدين الإنسانى الذى ينمو بالحب ،على المفهوم أو الدين التسلطى الذى ينمو ويتمدد بالسيطرة والإرغام، حدد فروم الفروق الرئيسية بين الإنسانى والتسلطى بشكل يجعل هذا العالم الألمانى الأمريكى مرجعاً لاغنى عنه لكل مجتمع يحاول أن يلحق بطوق النجاة الأخير فى معركته ضد التطرف.
الدين الإنسانى هو الدين الذى يدور حول الإنسان وقوته ، والذى ينادى بأنه على الإنسان أن ينمى قدرات عقله، وأن ينمى بجانبها قدراته على حب الآخرين، التجربة الدينية هنا تعتمد على الاتحاد بالكل وهدف الإنسان فيها هو تحقيق أكبر قدر من القوة لا من العجز، •الفضيلة فى الدين الإنسانى هى تحقيق الذات لا الطاعة والانسحاق، والإيمان هو يقين الاقتناع المؤسس على تجربة المرء فى الفكر والشعور، لا على تصديق قضايا وفقاً لذمة المتقدم بها ،الذى هو بالضرورة مصدق لأنه يجب أن يصدق دون مناقشة.
المزاج السائد فى الدين الإنسانى هو الفرح وليس الحزن والشعور بالذنب الذى يزرعه فينا الدين التسلطي.
•القدرة فى الدين الإنسانى هى القدرة بالإنسان وليست القدرة على الإنسان ، بينما فى الدين التسلطى الفضيلة فى الطاعة والانسحاق ،والخطيئة تتجسد فى العصيان بل فى مجرد المناقشة، بينما الخطيئة فى الدين الإنسانى هى فى انتهاك الاخلاق.
•ليس الضمير فى الدين الإنسانى هو صوت السلطة نابعاً من الإنسان، بل هو صوت الإنسان نفسه ،الإنسان فى الدين التسلطى كائن تافه ،يكتسب قوته عن طريق الاستسلام والإذعان، ذلك الإذعان الذى يفقده استقلاليته، والذى يصل به إلى درجة الضآلة واحتقار النفس، يؤدى به هذا الدين التسلطى إلى الاغتراب حتى عن قواه الخاصة، فلايصبح معتمداً اعتماداً ذليلاً فحسب ،بل يصبح شريراً أيضاً ،بلا ثقة فى إخوانه البشر، وبلا تجربة لحبه الخاص، ودائماً يطلب المغفرة بالإلحاح على عجزه وتفاهته، يدخل المرء بعدها دائرة مغلقة ،يصير أشد خواء، فيتمادى فى الخطيئة ويمعن فى الإثم، فيزداد انسحاقاً وهكذا، والقليل من الأفراد هو الذى يستطيع احتمال عزلة القطيع ، وهؤلاء يصفهم فروم بأنهم الأبطال، ولولاهم لكنا فى الكهوف.
لكن كيف يفرق الإنسان بين الإنسانى والتسلطى فيما يرى من ممارسات فى الواقع؟ إذا كانت التعاليم الدينية تسهم فى نمو المؤمنين بها ،فى قوتهم وحريتهم وسعادتهم ،فهنا سوف نرى ثمار الحب، وسوف نلمس الإنسانى ، أما إذا كانت تسهم فى انطواء الإمكانات الإنسانية وفى التعاسة والعقم، فهنا لايمكن أن يولد الحب، وسوف نصطدم ونسحق بالتسلطي، لذلك على الإنسان أن يكافح لمعرفة الحقيقة ،ولايمكن أن يصل إلى إنسانيته الكاملة إلا بمقدار نجاحه فى تلك المهمة، لابد أن يكون مستقلاً حراً ،وغاية فى ذاته، لاوسيلة لأغراض أى شخص آخر، وينبغى أن يربط نفسه بإخوانه البشر مدفوعاً بالحب، فإذا لم يشعر بالحب ،كان قوقعة خاوية حتى لو امتلك القوة كلها، والثروة كلها، والذكاء كله، يجب على الإنسان أن يعرف الفرق بين الخير والشر، وعليه أن يتعلم كيف يستمع إلى صوت ضميره، وأن يكون قادراً على اتباعه، عليه ببساطة التخلص من دفء الحظيرة، وعلينا أن نعرف الحل ببساطة، وهو أن نعبد الله لا الذين يتحدثون باسمه.