أمينة خيري
حادث باص جامعة الجلالة مأساوى. المأساوية سمة كل الحوادث، لا سيما تلك التى كان فى الإمكان تجنب حدوثها، ومواجهة إصرار البعض على الاستمرار فى تكرارها. الإيمان والتسليم بالقضاء والقدر لا يعنى أن نقود سيارتنا معصوبى العينين، ونقول لو حدث مكروه، فسيكون قضاءً وقدرا، أو ندخل الامتحان دون استعداد ولو رسبنا، فسيكون قضاءً وقدرا، أو نقترض مالا لا نملك سبيلا لسداده، وحين تتم مصادرة بيتنا، نقول إنه قضاء وقدر.
ينبغى انتظار انتهاء التحقيقات والإعلان الرسمى عن أسباب وقوع الحادث الذى قتل ١٢ طالبا وطالبة وأصاب نحو ٢٨ آخرين، لكن شهود عيان يتحدثون عن الثالوث التقليدى الكلاسيكى: سرعة زائدة، عدم تقدير للمناطق الخطرة فى الطريق، عدم امتثال لمطالب الركاب بالتهدئة.
أعود مضطرة للكتابة عن جرائم الطرق، وتحدى العقل والمنطق، وضرب عرض الحائط بالقانون، بالإضافة بالطبع لعدم تطبيق القانون. إذا كان السائق – أى سائق- «مختلا عقليا أو أرعن»، أو يعتقد أن فى إمكانه أن يضحى بحياة العشرات أو المئات على الطريق لأنه يريد أن ينهى دورة عمله سريعا أو يعود إلى البيت، أو لأنه يعتقد أنه سائق ماهر وفى إمكانه التحكم الكامل فى المركبة وتوقع تصرفات باقى السائقين من حوله، أو لأنه يؤمن أنه بما أن الموت علينا حق، فلا مانع أو ضرر من أن يقتل من معه لأنها سنة الحياة، فأين تطبيق قواعد السير ومراقبة السرعات؟.
دائما وأبدا يبقى هناك هامش القضاء والقدر فى كل تفصيلة من تفاصيل حياتنا، لكن هل المقصود بالإيمان والقدر أن نترك الأمور «تضرب تقلب»، وحين تُزهق الأرواح بسبب الفوضى نهرع إلى القضاء ونمسك بتلابيب القدر؟!.
هل السؤال الوجودى فى الباص الذى كان يقل الطلاب هو: هل هو باص تعاقدت معه إدارة الجامعة؟ أم تعاقد معه الطلاب أو ذووهم؟ أم أن السؤال الحقيقى يكمن فى مدى سلامة الطرق وتطبيق قواعد وقوانين القيادة ومراقبة السرعات؟.
قبل أيام، قتل شخص وأصيب اثنان فى أسوان نتيجة اصطدام قطار بتوك توك!! اصطدام قطار بتوك توك، هل هذا معقول؟!، فى أغسطس الماضى، شهد الطريق الدائرى تصادم ١٢ سيارة بين نقل ونصف نقل وملاكى، أمس الأول أصيب تسعة أشخاص بسبب تصادم توك توك وربع نقل وميكروباص، على طريق السويس، والمؤكد غيره من الطرق، لا يمر يوم دون بضعة حوادث، أغلبها سببه السرعة الجنونية والقيادة الخبلة. عند الدخول إلى بوابات رسوم الطرق، تتصارع السيارات يوميا على أولوية المرور رغم الكاميرات، وكثيرا ما تصطدم ببعضها البعض. فى مدينتى، قُتِل مراهقان على دراجة نارية بعدما صدمهما طفل كان يقود سيارة بسرعة جنونية.
إذا لم يكن هذا هو العبث، فماذا إذن؟ نداء إلى من يهمهم أمرنا: ألا نستحق طرقا آمنة تناسب روعة شبكة الطرق الجديدة التى نفخر بها جميعا؟.
نقلا عن المصرى اليوم