محرر الأقباط متحدون
استقبل البابا فرنسيس يوم أمس الجمعة وفداً من الوزراء المشاركين في الاجتماع الوزاري لدول مجموعة السبع حول موضوع "الاشتمال والإعاقة" والذي عُقد في إقليم أومبريا الإيطالي من الرابع عشر وحتى السادس عشر من الجاري. وقد ضم الوفد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، ووزير الخارجية الفلسطيني الأسبق ناصر القدوة، علما أن أعضاء الوفد الزائر معروفون بالتزامهم لصالح السلام.

في أعقاب اللقاء أجرت صحيفة أوسيرفاتوري رومانو الفاتيكانية مقابلة مع السيد أولمرت البالغ من العمر ثمانية وسبعين عاماً والذي كان رئيساً للحكومة الإسرائيلية لغاية العام ٢٠٠٩ ولفت إلى أن اللقاء مع الحبر الأعظم كان هاماً ومؤثراً، مضيفا أن البابا أبدى اهتماماً استثنائياً بالجهود الهادفة إلى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط.

وذكّرت الصحيفة الفاتيكانية بأن أولمرت معروف بالتزامه في بعض جولات مفاوضات السلام، مشيرة إلى أنه خلال وجوده في الحكم، تم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بعد الحرب مع لبنان عام ٢٠٠٦، كما يعود إليه الفضل في آخر محاولة جدية تمت من أجل إنشاء دولتين، بالتعاون مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تماشياً مع اتفاقات أوسلو السلمية لعام ١٩٩٣، مع أن هذه المحاولات باءت بالفشل.

وأضاف أولمرت أن البابا فرنسيس كرس أكثر من نصف ساعة من وقته للقاء ضيوفه، وأكد لهم أنه يتابع عن كثب وبشكل يومي تطورات الصراع الدائر في المنطقة، مذكراً بأنه على تواصل يومي مع المسيحيين في غزة، في إشارة إلى الاتصال الهاتفي الذي يجريه فرنسيس يومياً مع راعي كنيسة العائلة المقدسة في غزة الأب غابريال رومانيلي.

ردا على سؤال حول ما إذا كانت توجد إمكانية لقيام دولتين مع استمرار الاستيطان، قال أولمرت إن الفرضية تتمثل في ضم جزء من أراضي الضفة الغربية بنسبة أربعة فاصلة أربعة بالمائة، مقابل إعطاء الفلسطينيين أرضا بالمساحة نفسها على الحدود مع إسرائيل، ما يسمح بقيام ممر يربط بين الضفة وغزة.

وفي سياق حديثه عن مستقبل القطاع اعتبر أنه لا بد من نشر قوة عربية موقتة تساهم في استقرار الوضع بالتزامن مع انسحاب القوات الإسرائيلية، مضيفا أن قوة الفصل العربية هذه ينبغي أن تكون على تواصل مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وتتلقى التوجيهات من "مجلس المفوضين"، وواجبها الرئيسي يتمثل في منع هجمات محتملة ضد الأراضي الإسرائيلية انطلاقاً من قطاع غزة.

بعدها تطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إلى مسألة حيوية ألا وهي وضع مدينة القدس، وقال إن البابا أبدى اهتماماً بهذا الموضوع خلال اللقاء، مضيفا أن الفكرة الأساسية تتمثل في منح القدس وضعاً خاصاً، وتخضع لإدارة خمس دول، من بينها إسرائيل وفلسطين، تماشيا مع توجيهات مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص، ومع منح المملكة الهاشمية الأردنية دوراً خاصا، كما هي الحال اليوم في المسجد الأقصى.

بالنسبة للمدينة العتيقة اعتبر أولمرت أنه لا بد أن تبقى خارج أي نفوذ سياسي وأن تُكرس للديانات التوحيدية الثلاث التي تعتبرها مكانا مقدسا. وأضاف أن القدس يمكن أن تكون عاصمة لإسرائيل في أجزائها التي كانت خاضعة لإسرائيل قبل حزيران يونيو ١٩٦٧، بالإضافة إلى الأحياء اليهودية التي شُيدت بعد ذلك العام وهذا يندرج ضمن نسبة أربعة فاصلة أربعة بالمائة الذي سبق أن تحدث عنها.

لم تخل كلمات المسؤول الإسرائيلي من توجيه الانتقادات إلى حكومة نتنياهو، مشيرا إلى أنها خاضعة لنفوذ المتطرفين والمتعصبين شأن بن غفير وسموتريش، لكنه أكد أن ما يعزيه هو أن سبعين بالمائة من الإسرائيليين سئموا في هذا الحلف ومن الأضرار الهائلة التي سببها لبلادهم، معتبرا أن إسرائيل بلد ديمقراطي وسيعرف كيف يتخطى هذا الوضع ديمقراطياً.

من جانبه قال ناصر القدوة إن الوفد الزائر عرض على البابا مقترحاً بشأن تحقيق السلام في غزة، يتمثل في وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس تزامنا مع إطلاق سراح عدد يُتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، واستئناف المحادثات الهادفة إلى إنشاء دولتين تعيشان بسلام جنباً إلى جنب، لافتا إلى أن الدولة الفلسطينية المستقبلية يجب أن تكون مجردة من السلاح باستثناء متطلبات الأمن الداخلي.

وأضاف أنه يتعين على إسرائيل أن تسحب كامل قواتها من غزة وأن تسمح بقيام إدارة فلسطينية تحكم القطاع، بالإضافة إلى "مجلس مفوضين" يضم عدداً من التكنوقراط والخبراء، بعيدين عن عالم السياسة. ولفت إلى أن هذا المجلس ينبغي أن يكون مرتبطاً بمجلس الوزراء التابع للسلطة الوطنية الفلسطينية، ويتعين عليه أن يمهد الطريق أمام انتخابات عامة في الأراضي الفلسطينية تجري ضمن مهلة سنتين أو ثلاث سنوات.