محرر الأقباط متحدون
على هامش أعمال سينودس الأساقفة أجرت وسائل التواصل الفاتيكانية مقابلة مع راعي أبرشية البترون للموارنة في لبنان المطران منير خيرالله الذي سلط الضوء على الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللبنانيون نتيجة صراع لم يختاروه، وندد بالهجمات التي تعرضت لها قوات اليونيفيل، لافتا إلى أن الديانات لا تدعو إلى الحرب لأن من يخوضون الحروب لا دين ولا طائفة لهم. وحثّ جميع اللبنانيين على العمل من أجل تحقيق الغفران والمصالحة.

قال سيادته إن الطوائف الثمانية عشرة الموجودة في لبنان تمكنت من بناء دولة، هي الجمهورية اللبنانية، حيث يعيش المواطنون في إطار احترام الهويات الخاصة، وحيث تجمع بين اللبنانيين هوية وطنية واحدة، ألا وهي الانتماء إلى الدولة اللبنانية. وتابع الأسقف الماروني لافتا إلى أن هذا التعايش يعاني اليوم بسبب عقود من الحرب، حرب لم يرغب فيها اللبنانيون، بل فُرضت عليهم من الآخرين وهي تُخاض على الأراضي اللبنانية، بالتالي فإن المواطنين يدفعون ثمناً باهظاً جداً لصراعات لا يريدونها، ولن يريدونها أبدا. وأوضح أن اللبنانيين لا يبحثون عن الحرب أو عن الثأر أو عن العنف أو استخدام السلاح، مشيرا إلى أن كل شعب يتمتع بالحق في تقرير مصيره ومستقبله، وهو حق غير قابل للتصرف.

مضى المطران خيرالله إلى القول إن جميع الطوائف تريد إعادة التأكيد على صيغة لبنان الحالية، كبلد رسالة وفسيفساء، مع أن الأحداث الراهنة اليوم تحول دون ذلك بشكل أو بآخر، وهذا الأمر يعتمد أيضا على الفساد الموجود في البلاد، وعلى القادة السياسيين. ولفت إلى وجود مجموعات اليوم، كحزب الله وفصائل فلسطينية في الماضي، تسلحت كي تقاتل داخل أراضي الدولة اللبنانية، محيدةً دور الجيش الوطني، وهذا أمر لم يرغب فيه الشعب إطلاقا.

في سياق حديثه عن الهجمات التي تعرضت لها مؤخراً قوات حفظ السلام "اليونيفيل" على يد الجيش الإسرائيلي، قال سيادته إن هؤلاء هم جنود للسلام لا للحرب، ويسعون إلى القيام بمهامهم: ألا وهي حفظ السلام، وهم يحظون بالاحترام من جانب اللبنانيين، لكن ليس من طرف الإسرائيليين. وذكّر بأن هذا الانتقاد صدر أيضا عن القادة الروحيين اللبنانيين الذين اجتمعوا في مقر البطريركية المارونية في بكركي يوم الأربعاء، مطالبين العالم والأمم المتحدة بتطبيق القرار الأممي ١٧٠١، ونددوا بالهجمات ضد القوات الدولية وبكل شكل من أشكال العنف.

لم تخل كلمات راعي أبرشية البترون للموارنة من الإشارة إلى نزيف الهجرة الذي تعاني منه البلاد، والذي يشمل أتباع جميع الأديان. وقال إنه إزاء الضيافة التي يوفرها لبنان لمن يهربون من الحرب، شأن السوريين، هناك هجرة مستمرة وقد ارتفعت وتيرتها مؤخراً مع ما يترتب على ذلك من وقع سلبي على الدولة اللبنانية. ولفت إلى أن الشبان اللبنانيين يحلمون في السفر لأنه ليست لديهم أي إمكانية للعيش بكرامة، وثمة من قرروا البقاء وهم اللبنانيون المؤمنون بإمكانية إعادة بناء لبنان على الرغم من كل ما يجري اليوم. وأوضح سيادته أن رسالة البابا فرنسيس إلى اللبنانيين، في السابع من الجاري، شكلت مصدر تشجيع لهؤلاء، كما أن الكنيسة المحلية تشجعهم على البقاء، وعلى التمسك بإيمانهم، لأن الحرب ستنتهي يوما ما وسيدعو لبنان أبناءه إلى إعادة إعماره كي يعود كما كان في السابق، بلد – رسالة.

في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني شدد راعي أبرشية البترون للموارنة المطران منير خيرالله على أهمية الغفران والمصالحة والحوار الصادق، لأن هذه هي الدرب الكفيلة بإعادة إعمار هذا الوطن الفريد من نوعه وأكد أن جميع اللبنانيين مدعوون إلى العمل من أجل هذا الهدف، بالتعاون مع الجماعة الدولية، خصوصا وأن البابا فرنسيس هو من يشجعهم على ذلك.