ياسر أيوب

عدم توافر المال ليس بالضرورة هو المشكلة إنما أين وكيف يتم إنفاق هذا المال.. فترشيد الإنفاق والالتزام بالضرورات فقط يجعل حتى المال القليل كثيرا.. والمبالغة فى الإنفاق دون حدود وضوابط تجعل المال حتى الكثير قليلا.. ولهذا تحول كثيرون من مسؤولى وجماهير نادى مانشستر يونايتد من الغضب وانتقاد جيم راتكليف الذى أصبح منذ فبراير الماضى هو المالك الجديد لمانشستر يونايتد إلى التصفيق له واحترام ما يقوم به لإنقاذ النادى العريق من أزمات مالية حادة متتالية.

فقد رأى راتكليف أن النادى أبدا لن يتخلص من أزماته المالية إن ظلت معدلات وأوجه الإنفاق كما هى دون تغيير.. ومن العبث أن يستمر النادى فى ممارسة الوجاهة والاستعراض بينما لا يملك أى فائض من مال.. ولهذا لم تقم ثورة حين قرر راتكليف منذ أيام إنهاء تعاقد مانشستر يونايتد مع المدرب العظيم السير أليكس فيرجسون كسفير عالمى للنادى مقابل 2.16 مليون جنيه استرينى سنويا.

 

وليس هناك فى التاريخ الكروى الإنجليزى والعالمى مدرب ارتبط بناد ونجح معه وقاده إلى البطولة والمجد أكثر من أليكس فيرجسون مع مانشستر يونايتد.. ولم يكن مفاجئا تعاقد النادى مع فيرجسون فى 2013 ليكون سفيرا له مقابل هذا الراتب السنوى.. الظروف وقتها كانت تسمح بذلك وكان لهذا القرار معنى شديد النبل يستحق التقدير والاحترام.. لكن بعد توالى الأزمات المالية الصعبة والقاسية.

 

وبعد مجىء راتكليف وبداية الإصلاح المالى.. لم يعد ممكنا استمرار هذا التعاقد سواء الخاص بفيرجسون أو آخرين سبق التعاقد معهم أيضا وكثير من الموظفين والمستشارين الذين لم يعد النادى مضطرا أو قادرا على تحمل مرتباتهم وسط ظروف جديدة خانقة ومؤلمة.. ولم يغضب أليكس فيرجسون وتقبل هذا القرار راضيا ومتفهما أسبابه ودوافعه.. فلا أحد سيحب مانشستر يونايتد أو يخاف عليه ويتمنى له الاستقرار والتألق والنجاح أكثر من أليكس فيرجسون.

 

وتبقى التضحية إحدى القواعد الأساسية لأى وكل حكاية حب.. ولم يكن الجميع داخل النادى مثل فيرجسون.. فهناك من لم تعجبهم السياسة المالية الجديدة التى ألغت وأنهت معظم امتيازاتهم التى لم تعد لها أى ضرورة ولا تفيد النادى بأى شىء. ففى كل مكان هناك دائما الذين يتظاهرون بالحب والانتماء ما دامت مكاسبهم الشخصية؛ فإن غابت المكاسب والامتيازات فلا حب أو انتماء، لكن تبقى وجوه قبيحة كانت تختبئ وراء ألف قناع.

 

وفوجىء هؤلاء بأن راتكليف جاد ومستمر فى مشروعه لإصلاح أحوال مانشستر يونايتد مهما كانت انتقادات وصرخات من خسروا امتيازاتهم ومكاسبهم الخاصة.. ولم يعد يصغى أحد لهؤلاء بعدما رأوا أن راتكليف يعرف بالضبط أين وكيف ولماذا ينفق المال.

نقلا عن المصرى اليوم